مع العطلة الصيفية وانطلاقاً في رغبة الكثير من أولياء الأمور في استثمار الوقت الأمثل لأبنائهم بما يعود عليهم بالنفع، نجد أن دراسة اللغة الإنجليزية تحتل حيزا كبيرا من اهتمامات العديد من أولياء الأمور وتأتي في مقدمة الخيارات المتاحة للاستفادة من العطلة، ولهذا يبادرون بالقيام على تسجيل أولادهم خلال الإجازة في معاهد اللغة الانجليزية لغرض تطوير مهاراتهم وتعزيز قدراتهم باللغة الإنجليزية . وهو توجه حسن ومقصد نبيل. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : هل تم النظر في مدى اتفاق المادة التعليمية لهذه البرامج مع القيم والمبادئ التي تربى عليها أولادنا، ومع عادات وتقاليد مجتمعنا .؟ وهل قام كل أب أو أم قبل المسارعة بتسجيل ولدهم بالمعهد بالإطلاع على المادة المقدمة وتقييمها أو على الأقل استشارة أهل الخبرة في ذلك.؟ والسؤال التالي البديهي ما دور وزارة التربية والتعليم والمؤسسة العام للتدريب في متابعة هذه البرامج وحماية عقول أبنائنا وبناتنا وحماية عقيدتهم وهويتهم الثقافية والمحافظة عليها في هذا الخصوص ؟. حدثني أحد الآباء عن تجربة مريرة تعرض له أبنه منذ أكثر من سبع سنوات عندما قام بتسجيله في أحد المراكز العالمية لتعليم اللغة الإنجليزية بمدينة جدة، حيث تبين له أن المادة المعدة حسب كلامه تثير في نفوس الطلاب الشغف والافتتان بالحضارة الغربية بحكم ما تتضمنه من تصور لنمط الحياة لديهم في المطعم والمشرب والملبس ووسائل الترفيه الخاصة بهم والصداقات بين الجنسين والحوارات المتبادلة بينهما وما تتضمنه أيضا من صور لفتيات بأزياء فيها قليل من الحشمة غير ساترة للعورة، وإخراج ذلك في شكل جميل وجذاب . وأضاف أيضا بوجود صالة عامة متاح فيها للجميع الدخول على الانترنت بدون أي ضوابط . وليت الأمر وقف عند هذا الحد فحسب، بل أضاف أن بعض المواد تتضمن برامج تصف العربي بصفات ذميمة كالبخل وعدم مراعاة النظافة في الملبس والمظهر. أنا لا أدعو هنا إلى الانغلاق والتقوقع فتعلم اللغة الإنجليزية مطلب ضروري وهام بحكم كونها اللغة الأولى اليوم في العالم، ولكن أتمنى أن تكون هذه المعاهد وهي على أرض الوطن أن تكون منظومتها ومحتويات مناهجها التعليمية متفقة مع شريعتنا وثقافتنا وقيمنا وتراثنا، كما أتمنى من كل مسؤول في هذا الوطن أن يؤدي واجبه المؤتمن عليه على النحو الذي يقتضيه واجب الأمانة وأن يكون على أحسن وجه. اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ووفق أولادنا للخير وأهديهم وأصلحهم وأصلح بهم وأحفظهم من كل سوء وأنفع بهم الإسلام والمسلمين.