بقدر ما كانت التقنية الحديثة لصالح خدمة الإنسان إلاَّ أنها تضمنت في بعض جوانبها مصادرة لبناء الفكر وإعاقة لتنمية العقول. وهنا يمكننا أن نلقي نظرة سريعة على سلبيات «الانترنت» كجانب من أهم وأبرز معطيات التقنية الحديثة. حيث نجد أن الطالب في الجامعة لم يعد يكلِّف» نفسه جهداً للتفكير في إعداد البحث أو حلول الأسئلة وذلك نتيجة توفرها على شبكة الانترنت بكل «يسر وسهولة» والأمر كذلك بالنسبة لبعض الكتاب والصحفيين الذين يعتمدون على «السيد قوقل» سواء في المقال أو نقل الخبر وصولاً إلى هواة الرسم الذين يعتمدون على الألوان المتوفرة بكل فئاتها على جهاز الكمبيوتر دون أن يستخدموا عقولهم في كيفية تركيب وفرز الألوان هذا بالإضافة إلى معاني الكلمات والإعراب في اللغة العربية لم تعد خاضعة للتفكير أمام ضغطة «الأزرار في ثوانٍ محدودة»! ولأننا اتكاليون بطبيعتنا كمجتمع عربي فإنه يبدو أننا قد نواجه «أميَّة مستترة» خلف الشهادات التي ستكون فقط عبارة عن تذاكر سفر إلى الوظائف.. وبما أننا لا نمانع في الحصول على هذه «التذاكر» دون أي جهد علمي بدليل الإقبال الكبير الذي وجدته سوق الشهادات العليا «المضروبة» والتي كانت ومازالت تجد رواجاً في السوق السوداء على مستوى الوطن العربي فإننا أيضاً سنواجه نفس المصير أمام الشهادات المشروعة والمعترف بها وذلك كنتيجة حتمية لغياب الفكر الإنساني الذي يجب أن يرتهن إلى استخدام العقل أمام جهاز الكمبيوتر. وهذه «كارثة» تهدد ثقافة الإنسان.. وتعيق حركة الاستخدام لما منحه الله من ميزة عن كل المخلوقات. وبالتالي وأمام هذا التحدي الكبير فإنه لا يمكن مواجهة هذه التقنية من الناحية السلبية خاصة وقد طرحت نفسها على خارطة الكرة الأرضية إلاَّ بشيء واحد وهو إخضاع الطلاب والطالبات تحديداً «لفحوصات» علمية مستمرة واختبارات مفاجئة بعيداً عن استخدام الأجهزة.. والتوعية المستمرة بالتأكيد على استخدام الجهود الذاتية في البحث العلمي.. وتأكيد أساتذة الجامعات والتربويين على أن الاعتماد على الانترنت لا يصنع قدرات متميزة قادرة على مواجهة متطلبات العمل.بقدر ما يكون مساعداً لفتح آفاق جديدة للتفكير والانطلاق نحو الإبداع الذاتي. وليس كما يفعل البعض حين لا يجيدون قراءة ما تم اقتباسه أو حتى معاني المفردات في النص بعد طباعته من الجهاز.. وعلى الجانب الآخر فإنه لابد من تطبيق نظام صارم للحماية الفكرية من وسائل الصحافة والإعلام ضد ممارسة بعض الكتاب والصحفيين والمتعاملين في المدونات وهذه قضية أخرى بدأت تتزايد في الفترة الأخيرة للأسف الشديد!! أليست كارثة الانترنت التي لم نُحسن استخدامها كمجتمع اتكالي؟.