يبدو أن تأثر الإنسان بالبيئة وما حوله ينعكس عليه إيجاباً وسلباً في شتى نواحي حياته العملية لكون البيئة لها الأثر الأكبر في تشكيل الشخصية والسلوك ..إلا أن القصة الطريفة التي أسوقها اليوم هي عن طالب أولع ولعاً شديداً في باديته العامرة بالمراعي (بالجمل) كما أعجب بهيئته وصبره فسبحان الخالق ..حتى صار إعجابه للجمل مصدراً لحكاياته مع أصدقائه إلى أن جاء في يوم مدرس الفصل لزملائه المدرسين وهو غضبان فسئل عن ذلك فقال:لقد رسب أحد الطلاب في مادة التعبير، وهذا أمر غير طبيعي في مادة سهلة مثل التعبير ، والسبب أن الطالب في كل مرة يخرج عن الموضوع ، فعلى سبيل المثال قلت للتلاميذ أكتبوا موضوعاً عن فصل الربيع.. فكتبوا تعبيراً جميلا أما ذلك الطالب فكتب :فصل الربيع من أجمل الفصول في السنة، تكثر فيه المراعي الخضراء مما يتيح (للجمل) أن يأكل من تلك المراعي ، والجمل حيوان بري يصبر على الجوع والعطش أياما ، ويستطيع المشي على الرمل بكل سهولة . وهو يسمى سفينة الصحراء،ويساعدهم على الترحال من منطقة لأخرى والجمل حيوان أليف...الخ. وهكذا يستمر الطالب في وصف الجمل وينسى موضوع التعبير ،فقالوا له ربما لأن الربيع قريب من ارتباط الجمل بالرعي فجعل الطالب يخرج عن الموضوع. أجابهم المدرس بأن ذلك ليس صحيحاً فهذا مثال آخر طلبت من التلاميذ أن يكتبوا موضوعاً عن الصناعات والتقنيات في اليابان فكتب الطالب:تشتهر اليابان بالعديد من الصناعات ومنها السيارات ، لكن سكان البادية يعتمدون في تنقلاتهم على الجمل، والجمل حيوان بري يصبر على الجوع والعطش أياما، ويستطيع المشي على الرمل بكل سهولة. وهو يسمى سفينة الصحراء، ويساعد الناس على التنقل والترحال..الخ. وهكذا كل موضوع يبدأ فيه لنصف سطر لكنه ينتهي بأسطر عديدة عن الجمل فمثلاً هذا موضوع بعيد جدًا عن الجمل قلت للتلاميذ اكتبوا عن الحاسب الآلي وفوائده فكانت كتابته:الحاسب الآلي جهاز مفيد يكثر في المدن ولا يوجد منه كثيراً في البادية ..لأن في البادية تكثر الجمال ..فالجمل حيوان بري يصبر على الجوع والعطش أياما ، ويستطيع المشي على الرمل بكل سهولة وواصل مثل ما كان يواصل في كل مرة عن الجمل . واستمر الحال إلى أن تقدم الطالب بشكوى للوزير بعد أن طلب الوزير التحقيق في الموضوع فكتب الطالب في خطاب الشكوى: معالي الوزير.. أقدم لمعاليكم تظلمي هذا وفيه أشتكي مدرس مادة التعبير لأني صبرت عليه صبر الجمل ، والجمل كما يعلم معاليكم حيوان أليف وصبور يصبر على الجوع والعطش أياما، ويستطيع المشي على الرمل بسهوله وأخذ يعدد في محاسن الجمل قائلاً:والجمل يستمد طاقته من سنامه ،أما عينا الجمل ففيها طبقة مزدوجة تحمي العينين من الرمال والعواصف . عزيزي القارئ: كنت أود أن أكتب مزيداً عن مواضيع "التعبير" ولكن اكتفي بحمد الله الذي سخر لنا مثل تلك الأنعام خاصة الجمل فكما تعلم الجمل حيوان أليف ويمدنا بالحليب كما أن لحمه طيب..أفتراني خرجت عن الموضوع؟؟!