أعجز العشاق عن الصمت هو الفنان ..كم يقتات من عصبه الفن وتنبهر بمعاناته المعاني..وحده الفنان مميز ببوح الحب عن أمم العشاق. قد لا يستهويه البوح بعذابه وشوقه ولهفته ونثره على الملأ كقطرات ندى حارة ولكن لعمري كيف يفعل إذا كان فنه يشبه البطن الجائعة الشرهة التي لا تكف عن الألم إلا إذا أطعمها بفيض لبانه وإلهامه.. أتجول بخاطري في المعنى أتلمس بوح الفنان أتأمل لوحة الفنان أرى عيون حبيبته مخبأه في أسرار ريشته وألوانه..أراقب النحات ينحت تقاطيع من يهوى بحد أزميله..يطربني هذيان شاعر أو أديب ينقل تفاصيل حلمه وشغفه للدنيا ويعلق شفتي محبوبته على كتف غيمة مسافرة ليقول للدنيا هذه حبيبتي رغم القيود .. تشدني مناغاة عازف لمعزفة يناجي من خلاله مسامع من يحب ويرحل أغنيته كموجة أبحرت من وتر.. أمثلة كثيرة تقول أن لا حواجز في الدنيا تستطيع أن تلجم فنان وتخفي حبه عن أسماع وأفواه الناس...ومن هذا العطاء يظل الفنان مميز من خلال عطائه حب الناس وإعجابهم لا يأتي من فراغ لابد لهذا الحب من سقيا وقدرات الفنان وخلايا معطياته هي وحدها السقيا .. تأخذني تأملاتي وترحل بي بعيدا هل للحب مكان أو زمان ؟ هل يمكن أن يتوقف لدى مرحلة عمرية أو يتجاوزها إلى لحظات النهاية؟ هل يستعذب الفنان استباحة الناس لحرمة هواه من خلال فنه؟ هل يستطيع الفنان أن يخفي سره كبقية الناس أم يجني على نفسه بالبوح بفنه؟ هل لو خيروك بين عاشق تقليدي يمنحك الحب والأمان وتكون له سر دفين أم يختار العاشق الفنان الذي يمنحك نهر من الحب وشلال من العطاء المخصب ومعه كل تقلباته الهادئة والعنيفة معا العاقلة والمجنونة وفوق ذلك ينشرك كقصة وتذوب في أفواه الناس أغنية وتستبيح تفاصيل جسدك عيون كل متأمل حين يشاهدونك لوحة وتسمعك كل آذان الغرباء حين يشدوك لحنا...ورغم هذا يهبك حبه التميز والخلود حين ينقشك في جوف قصيدة ويرسمك بريشة وينحتك بأزميل. برغم كل ما كتب عن الحب خلال مئات السنين لازال لغزا محيرا عجيب وغريب في آنٍ واحد لا يستطيع مخلوق التكهن ببدايته أو نهايته مهما فعل أو قال..شيء يأتي دون أن يطرق الأبواب أو حتى يستأذن ومع ذلك نبيح له ما لا نبيح لسواه ..ولطالما أشقى وأتعب ..أضحك وأبكى..عذّب وأسعد. ومع ذلك يظل مميزا في حياتنا لدية القدرة الكاملة على تنشيط إفرازات جميع الغدد الهامة في أجسامنا كالأستروجين والكولاجين والتيتسترون وغيرها.. لا يرتبط الحب بالعمر ولكن بالقدرة على العطاء حيث يهب الحياة ويطيل العمر ويصبح لكل شيء في حياتنا معنى وهدف . لا يستطيع أي فنان أن يخفي عن الناس أنه في حالة حب من خلال عرض إبداعه ،لا يقدر أبدا أن يقول أن مخاض الفن الذي يعانيه جاء من فراغ فثمة حبيب هناك مختبئا بين الكلمات.. وللقصة دوما بقية وفصول. وردة: في قلبي نداء قوي ينهض من رحم العدم..يهتف باسمك في سويعات السحر وأعرف أنك هنا..دائما هنا تقيم بين خاطري وعيوني..تعانق أحرفي وتغفو ردحا على صدري... الله ما أعذب يا حبيب القلب حبك.. وما أجملها عينيك.