جاء في خبر تناقلته الصحف قبل أيام بأنه قد كشفت استمارات حصر الأسر، التي يتم العمل بها في التعداد السكاني القادم بالمملكة، عن تدوين حالات الزواج لمن هن فوق سن الخامسة عشرة، وتتضمن تعليمات مصلحة الاحصاءات العامة عدم توجيه اسئلة لرب الأسرة عن الحالة الزوجية لمن هم دون سن الخامسة عشرة، كما تتضمن التعليمات تدوين الحالة لمن هم دون سن الخامسة عشرة في خانة غير المتزوج، حتى وإن كان متزوجاً، خاصة أن البند مخصص للفئة العمرية من خمس عشرة سنة فما فوق، وبذلك لا تعترف استمارة حصر الأسر بزواج الصغيرات دون هذا السن، والأمر كله يثير الاستغراب، فالاعتراف بزواج الصغيرات دون هذا السن ليس موكولاً البت فيه لمصلحة الاحصاءات العامة، والمحاكم عندنا وهي الموكول لها ذلك تعترف به وتؤيده وللأسف، والمدافعون عنه حتى من العامة لا حصر لهم. خاصة منهم من يدعون الانتساب للعلم الشرعي، وكأن الاسلام لا يمتثل أمره الاّ اذا سمح للأب أن يزوج ابنته الصغيرة لمن يفوق سنه سنها باضعاف مضاعفة، فيتزوج من بلغ الستين سنة بالفتاة في عمر الزهور دون العاشرة، والمبرر لذلك الرواية بأن الرسول - صلى الله عليه وآله سلم- قد تزوج أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهي ابنة ست وبنى بها وهي ابنة تسع ،ولا مقارنة معقولة بين سيد الخلق المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم _ وسائر الخلق خاصة منهم من تغلبهم شهواتهم فيضرون الصغيرات بمعاشرتهم الحسية لهن، أما مصلحة الاحصاءات العامة فليس منوط بها الاعتراف بهذا الزواج أو رفضه، فليست هي جهة الاختصاص، وان كنا نتمنى لو أن استمارة احصاء الأسر كانت كاشفة للواقع أياً كانت صفته حسناً أم سيئاً، بل لعل احصاء عدد من زوجن من بناتنا دون سن البلوغ، الذي هو عند سادتنا الفقهاء إذا احتسب بالسنين كان خمسة عشر عاماً، من أجل أن نعلم مدى انتشار هذه الظاهرة الرديئة في مجتمعنا، وهي للأسف في تزايد مستمر، رغم كل ما يدور حولها من جدل، فإن الاعلان عن نسبة من تزوج من بناتنا وهن في سن الطفولة لمن يغادرنه بعد، فإن مثل هذا قد يوجد لدينا الحافز لمعالجة هذا الأمر باجتهاد يجعل للعقد على الفتيات سناً محدداً لا يضرهن الزواج فيه لا جسداً ولا روحاً، أما أن نعتبر كل من تزوجت قبل سن الخامسة عشرة وكأنها لم تتزوج فإن ذلك يفاقم المشكلة، حينما يحتج به المبررون بأنه لا يوجد من هذه الزيجات شيء في المجتمع، فأعلنوا عن هذه النسبة رحمكم الله تفلحوا، وانقذوا الصغيرات من زيجات تضرهن، فهل انتم فاعلون، هو ما أرجو والله ولي التوفيق. ص ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043