المهتم باللغة العربية يلحظ بسهولة تراجعها في عدة مستويات بمجتمعاتنا، ويلحظ زحف اللغة الاجنبية على مساحاتها الخضراء زحف الرمال القاتلة على الواحات. فالاهتمام بتعليم اللغات الاجنبية زاد كثيرا على السابق في المدارس الخاصة، وفي المدارس الحكومية بإقرار اللغة الانجليزية في المرحلة الابتدائية وبمتابعة متطلبات التوظيف في الشركات الخاصة، وقسم من الجهات الحكومية يتبين اعطاء أولوية واضحة لإجادة اللغة الانجليزية تحدثا وكتابة، حتى إنني دهشت لما رأيت في أولوية كتابة السيرة الذاتية باللغة الانجليزية والتي يطلق عليها "C.V". والمؤلم أكثر تراجع المستوى اللغوي في الاداء لدى كثير من المتخصصين الذين يعملون في الإعلام المرئي والمسموع الذي يكون فيه بث مباشر لا يمكن معه مراجعة الخطأ واستدراكه فتسمع اللحن / الخطأ في أسهل قواعد النطق في الجمل البسيطة المؤلفة من فعل وفاعل ومفعول به". انطلاقاً من شعوري هذا بالقلق على مصير لغتنا العربية في عقر دارها رجعت بذاكرتي الى الوراء سنوات.. إلى بدايات انفتاح منطقتنا العربية الخليجية خاصة على العالم وتقاطر الوافدين من غير العرب اليها والمكوث فيها ازمانا متفاوتة، فتخيلت شرطا اساسيا في الاستقدام للعمل الخاص أو العام هو: الحد الأدنى من الإلمام بالعربية تحدثا وكتابة، تخيلت هذه الامنية الضائعة للغة العربية، وصرت أحسب أفواج المستعربين في شتى انحاء العالم، بل صرت اتخيل تحول مجتمعات شرق آسيوية بالذات قد تحولت إلى الغربية بفضل هذا الشرط. كم من المعاهد كانت ستعمل في تعليم العربية في تلك البلاد، وفي بلادنا؟! وكم كانت العربية ستزدهر من وراء ذلك؟! ولكني بحزن شديد أردد مع حافظ إبراهيم قوله على لسان العربية: "فلا تكلوني للزمان فإنني أخاف عليكم أن تحين وفاتي".