جمعتني وبعض الإخوة الإعزاء ندوة اصدقائية مصغرة تشعب فيها الحديث عن الحوادث اليومية بكل أطيافها إلى التقاليد الوافدة لمجتمعنا وتهافت الكثير عليها من شباب وشابات. الحديث طال النقاش فيه حتى تغير الموضوع فجأة إلى ما يصرح به اصحاب الرأي بين مادح وقادح لما يكتب حتى إذا سكت الجميع بادرني أحدهم بسؤال وبصوت مسموع قائلاً: ألست أنت ممن يكتبون في تلك الصفحات أجبته بنعم وأنت يا اخي تعرف ذلك تمام المعرفة. قال: أنتم معشر كُتاب الرأي آثمون فمقالاتكم مليئة بألوان الرياء والنفاق ولا تخلو من التحريض احياناً وتتسابقون على نشر الفضائح دون التيقن من مصادرها ومعرفة ملابساتها وقلّما تجد مقالة متزنة تعالج موضوعاً بحيادية تامة أنتم فقط تكتبون بأهوائكم بعيداً عن مهنية صادقة. على رسلك يا صاحبي، أجبته، فقد حكمت وراهنت فشططت في حكمك وراهنت على تعميم مغالى فيه فما كل كاتب محرض ولا كل كاتب منافق "مرائي" وإن وجد يا أخي في الساحة من ينطبق عليه حكمك ووصفك "ففي كل وادٍ سعيد" وفي كل مدينة مدخنة تنفث دخاناً أسودَ، والاقلام التي تكتب بصدق وأمانة وموضوعية ليست بالقليلة ياصاحبي وهي تطالعنا صباحاً ومساءً يجد القارئ بين مفردات سطورها حقيقة الاخلاص وسلامة النية فلا تأخذك الملامة. والأقلام التي تلوث سطورها بمداد الرياء والتزلف والتحريض والقفز على الحقائق هي كفقاعة الصابون لا تلبث أن تختفي لأن قارئ اليوم يعي ما يقرؤه ويعرف ما بين السطور فهدئ من روعك واستغفر ربك. أجابني صديقي مستدركاً .. أنا لا أقصد بكلامي أنت وفلان، أجبته يا أخي أنا لا أزكي نفسي ودفاعي عن أولئك الذين يكتبون بشرف المهنة وطهارة المقصد وصدق النوايا واجب عليّ وشرف لي فلا تكن يا صاحبي قاسياً أكثر من القساة ولك أن تختار لمن تقرأ سجالات الرأي شبيهة بسلة الفواكه لك ان تنتقي منها ما تشتهيه وتترك ما تعافه. لقد راهنت يا صاحبي على عموم فبرهانك خاسر وحكمت على ظنون وحكمك جائر. اللهم ألهمني الصواب وحسن النية فيما أكتبه وباعد بيني وبين كل ما فيه إساءة لأحد من خلقك.