ومضة إعلامية لطيفة ومؤثرة وتترك أكثر من علامة استفهام يبثها تلفزيوننا العزيز عن والدة تقوم بالإتصال بولدها بعد أن طالت غيبته عنها فيجيبها الابن على الهاتف متبرماً يا أمي أنا مشغول فأجابته أنا حبيت أطمن عليك وعلى أولادك إن هذه الومضة هي أكبر من أي تعبير وأي كلمات عن تقصير الأبناء في حق والديهم بحجة الانشغال بالأمور الحياتية ولقد ربطت هذا الموقف بقصة ضابط الشرطة الذي كان يعمل في منطقة نائية ولحاجة والديه له ليكون بالقرب منهم للوقوف معهما بعد ان بلغا من العمر عتياً أمره والده بالاستقالة من عمله والعمل معه في مكتب المحاماة المتواضع الذي يملكه الوالد ولم يتردد هذا الشاب على الفور وانصاع لأمر والده ففتح الله عليه ببركة طاعة ورضاء ودعاء الوالدين وأصبح الآن أحد رجال الأعمال في عالمنا العربي وتوسعت تجارته وكل ما وصل إليه كان بمشورة صغيرة من والده هذا الرجل أصبح الآن مضرب الأمثال ليس في غناه ونجاحه ولكن في فعله غير المسبوق وقد أعلن الرجل عن تبرعه بثلث ماله الذي يقدر بمليارات الدولارات وقام بإنشاء وقف يصرف منه على الأعمال الخيرية وأدخل هذا الوقف شريكاً في أعماله يديره بعض الموثوق في أمانتهم وترك له حرية البقاء معه أو الاستقلال بأعمالهم في نشاطات أخرى شريطة أن تكون مطابقة للشريعة الإسلامية ويتبنى هذا الوقف الآن أكثر من 17 الف يتيم وفقير،أكثر من 3 آلاف حالة مرضية سنويا،أكثر من 3 آلاف طالب جامعى ،أكثر من 3 آلاف عروسة سنويا، بالإضافة إلى أكثر من 6 آلاف طالب في فصول التقوية ومثلهم في مكاتب تحفيظ القرآن.ولقد شاهدت مقابلة متلفزة مع هذا المحسن الكبير وكانت توجه إليه الأسئلة من المتصلين كالسهام وسأله متصل من أين لك هذا فأجابه بلهجة المؤمن الواثق بقوله تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لايحتسب).ثم وجه له متصل آخر سؤالاً ألا تمارس في مرافقك السياحية بعض الأمور المخلة بالآداب وتباع بها بعض الممنوعات فأجاب بكل فخر أن كل هذه الأشياء ممنوعة في مرافقي السياحية وكل من يستخدمها يشترط عليه هذا الشرط حتى تدخين الشيشة غير مسموح به في مرافقي السياحية ثم قال معاتباً لماذا تحكمون علي بالنيات والظن وكل هذا بيني وبين ربي الذي يعلم خفايا الصدور ويتولى السرائر وأنا لم أكتب هذه المقالة تمجيداً للرجل وأخلاقه لأن ليس بيني وبينه أية علاقة أو صلة ولكن ذكرت ذلك ليكون قدوة لكل من يبغي الأجر والثواب من رجال أعمالنا لأن دائرة الفقر تتسع وهناك من الناس ممن قال فيهم الحق سبحانه وتعالى تحسبهم أغنياء من التعفف ولأنه كما قال صلى الله عليه وسلم (مانقص مال من صدقة ) وقد أقسم رجل الأعمال أنه قد وجد هذا الحديث واقعا ملموسا فقد بلغت أرباحه بأكثر مما اوقف في سبيل لله أحسبه كذلك ولا أزكيه على الله والله حسيبه. * وقفة: قام الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه بتجهيز جيش العسرة بأكمله في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عام المجاعة باع بضاعته لله فما أن وصلت القافلة محملة بالبضائع من الشام حتى تلقفها التجار وزايدوا عليها حتى وصلت إلى مائة ألف درهم فقال رضي الله عنه لقد بعت البضاعة لله وقام بتوزيعها على فقراء المسلمين (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون).