* جيلنا كان يستمع للأم وهي تهدد وتتوعد من لا ينام مبكراً أو يذهب الى فراشه بقولها: الآن ترى "عافية ربي" فيخاف الطفل ويخلد للنوم حتى اذا كبرنا فكرنا في العبارة فوجدناها عبارة تربوية جميلة وهي عافية من ربي، وكأن الام تطلب من الله ان تنال "العافية" من "الله" ابناءها. عبارات تربوية قديمة كانت تصدر من أم لم تقرأ حرفاً واحداً وأباً ربما شغله عمله عن الاطلاع على كتاب أو ورقة منه حتى لو كان يجيد القراءة أو الكتابة.. أتذكر ان الوالدين يحرصان على "خطاب" الابناء بعبارات راقية منتقاة لمعرفتهم أنهم القدوة أمام الأبناء عندما يغضب الاب أو الأم ترى أن الخطاب يكون بعبارة "الله يهديك يا ابني" أصلحك الله، ما فعلته خطأ وغير ذلك ومن تجربتنا التربوية التعليمية في المدارس والتي زادت على العقود الثلاثة، ثبت لنا ان المعلم يحمل الكثير من المسؤولية والواجبات، والاهمية في كل ما يتحدث به أمام طلابه في كل المراحل وتحديداً المرحلة الابتدائية ويهمل للاسف الكثير من الزملاء المعلمين هذا الجانب المهم وتراه يستعمل بعض العبارات أمام أكثر من ثلاثين طالباً تُنقل لهم وتُحفظ في ذاكرتهم ويتم ترديدها بينهم في المدرسة وفي المنزل أمام بقية افراد الاسرة بعفوية يقول الطفل وهو مندهش لقد نادى المعلم اليوم احد زملائي وقال له "يا حمار" هات الدفتر يا "ثور" لا تنشغل اثناء الحصة ويا.. ويا.. ثم يريد هؤلاء ان يكون معلماً وتربويا وموجهاً للأجيال يحصل هذا ونطلق عليه "المنهج الخفي، وسمي كذلك لأن المعلم يغرس في نفوس وعقول طلابه عبارات وآراء وأفكار بعيداً حتى عن ادارة المدرسة التي لا يمكن ان تتواجد طوال وقت الحصة خاصة في المدارس الكبيرة فصولاً وطلاباً.. هذا الغرس ونثر البذور في ارض خصبة صالحة جاهزة هو ما يؤدي لتشكيل شخصية الاطفال والذين يقضون 6 ساعات في المدرسة ويجدون أنفسهم في حيرة لا تستطيع عقولهم الصغيرة تفسيرها ما بين معلم يحترم ألفاظه ومفرداته وما بين آخر لا يعرف من دوره كمعلم الا انه يحمل قراراً من ادارة التعليم كتب في خانة الوظيفة فيه "معلم" وهؤلاء موظفون تجدهم يشكلون ما نسبته 30% من كل مدرسة بمختلف المراحل يحتاجون للكثير من الدورات الطويلة والتأهيل للوقوف أمام الطلاب. ورغم قساوة المعلم في جيلنا الا انه لا يمكن أن يتحدث مع طلابه بعبارات دونية او خارجة عن الآداب ولا تزيد في اقصاها واقساها عن "شيطان - شقي - تحتاج تربية" قلت لمعلم استمعت اليه وهو ينادي طلابه "يا حيوانات" كيف سمحت لنفسك بذلك ولا يمكن ان يصل بك الغضب لإطلاق هذه العبارة على طلاب.. لقد نقلت هذه الخبرة والتجربة ل30 طالباً ينظرون اليك مثلاً أعلى يعلمهم الخير قبل موضوعات المنهج.. وان كنت لا تقبل بها لنفسك من اي انسان فلماذا قبلت بها لتلاميذك؟.. لقد ذهب زمن التربية الجميلة التي افرزت رجالاً ساروا على نفس النهج وان كانت كما قلت قاسية في المدرسة والمنزل تهدف للاصلاح والتربية. فهل يمكن ان نعيد النظر ونعود لها دون "ضرب" طبعاً؟!