** أشعر أن لدي "نقصاً" في تكويني الثقافي لكوني لم أقرأ في الصبا أية مجلة للأطفال "ميكي أو سمير" مثلاً أو غيرها من المجلات التي كانت تقذف بها مطابع مصر إلينا، كنت في ذلك الزمان في منتصف الثمانينات الهجرية أذهب إلى مكتبة عبد المحسن اليماني في برحة باب السلام بالمدينة المنورة وأقف أمام صف وأكوام الكتب التراثية كان ذلك يكاد يكون يومياً حيث أخرج من الحرم وأذهب إلى هناك وأقلب في الكتب دون معرفة بماذا تحتوي وكان بجانبه على الصف الآخر كانت هناك مكتبة "النمنكاني" التي تعنى بالقرطاسية وبعض الكتب كروايات احسان عبد القدوس ويوسف السباعي ومحمد عبد الحليم عبد الله وغيرهم وكان يضعها في زاوية أسفل "الدكان" وكان لايخرجها إلا لمن يطمئن إليه، وكانت المكتبة الأشهر في بيع الصحف والمجلات وبعض الكتب الأخرى مكتبة "ضياء" في شارع العينية، المهم كنت أذهب إلى مكتبة عبد المحسن اليماني واقلب في بعض الكتب ذات يوم وقد كان رجلاً لماحاً قال لي هل تحب أن تقرأ قلت نعم، قال ودون أن يعرف من أنا قال سوف أعطيك كتاباً تقرأه ثم تعيده لأعطيك الجزء الآخر منه .. لحظتها كدت أن اقبل رأسه فناولني كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه وبعد خمسة أيام كنت أمامه لأعطيه الكتاب ليناولني الجزء الثاني وهكذا استمريت معه حتى قرأت أمهات الكتب البداية والنهاية البيان والتبيين ، وغيرها من أمهات الكتب في السيرة النبوية وفي التاريخ والأدب فانصرفت عن قراءة مجلات الأطفال،حيث شعرت أنني أكبر مما تقدمه هذه المجلات الآن اصبحت أكثر حرصاً على متابعة ما يصدر للأطفال من مجلات ومتابعة أفلام الكرتون التي تشعرني بأن شيئاً ما أفتقده وعلي أن أعوضه. وهذا ما يجعلني محل انتقاد من أهلي في المنزل. لعل في هذا إجابة على أحد الزملاء الذي لاحظ علي اهتماماً كبيراً بكل مايقدم - للطفل - من مجلات وبرامج تلفزيونية، ولهذا كانت فرحتي كبيرة بخروج محطة الأطفال في التلفزيون السعودي "أجيال" والذي أرى أنه من الواجب استغلال هذه المحطة بتقديم تاريخنا العربي والإسلامي من خلال صور كرتونية كالغزوات النبوية والاحداث الإسلامية التي حدثت عبر التاريخ فتقديمها عبر رسوم "كركاتيريه" فيها تقريب لذهن الطفل المتابع وخلق إدراك قوي لديه، فهذه الاعمال تصب في اللاوعي لديه ليخرج في النهاية بحصيلة كبيرة من معرفة تاريخه وسيرة أبطاله. إنها دعوة للقائمين على هذه المحطة "البهية ذات الهدف النبيل" لإعطاء هذه الناحية جل اهتمامهم إن لم يكن كله.