الكتابة هي لحظة التجليات التي من خلالها تتنفس الروح لتشفى من عللها وأزماتها، لذلك لم تكن الكتابة حكراً على أشخاص أو طبقات وفئات من البشر، ولا رتُب يتقلدها زمرة من الناس دون غيرهم. الكتابة لكل الناس، لكل صاحب قضية، رسالة تنويرية تولد في فكر الكاتب ويصدح بها قلمه لتنشأ لوحة إبداعية ألوانها الحروف ومعالمها الكلمات والجُمل. يصفق لها صاحب الحق والحقيقة ويزمجر من رؤيتها الظالم لأمانته، العابث بضميره. الكتابة لغة ينطق بها الجسد والروح. تجدها في أعين الفقراء والأغنياء، تسافر معك المسافات، تحتمي بها من برد شتاء ينغرس بين عظامك وجلدك، وتلوذ بك من صيف ملتهب. الكتابة لا تؤمن بالمكان والزمان ، كلما حاولت الهرب منها تجدها في انتظارك.. تقتحم ساعات سكونك ولحظات صخبك، تيقظك من نومك لتنادمها السهر. يقول كاتبنا الجميل محمد صادق دياب يصف الكتابة (هي كالولادة تتعثر حينا وتسهل حينا آخر). الكتابة داء لا يقتل، داء لن تجد له دواء سوى بياض الورق ورائحة الحبر المتناثر فوق صفائه، داء ينسل إليك ولا ترجو برؤه. هذا الينبوع المتدفق عذب بكل ما فيه من هموم وحرقة، بكل التعب والمشقة المنغمسة فيه، لأنه يغسل درن الحياة وزيفها ، ويطرد ما تكدس من سواد في أعين المغتسلين بسلسبيله. ومع ذلك يا ضمير الكاتب.. لا تجعل من كتاباتك ويلات تُسكب فوق رؤوس الخلائق، ولا سبيلاً لتصفية حساباتك معهم، ولا تُمكن قلمك القوي من ضعفهم.. دع الرقابة تنبع من ذاتك الطاهرة واكتب ما تراه حقيقة. لمحة عابرة.. الحياة مجرد لحظات نسكنها وقد لا يطول البقاء فيها، لذلك علينا تخليد ذكرانا بطريقتنا وأسلوبنا في الحياة. [email protected]