في عهد مؤسس المملكة الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله، وخلال المراحلة الأولى لتكوين وتنظيم كيانالدولة الحديثة تحت قيادة مؤسسها الملك عبدالعزيز رحمه الله كتب الله لي أن انتقل مع اسرتي في سن مبكرة من مسقط رأسي مدينة "عنيزة" بالقصيم إلى مكةالمكرمة مركز الإشعاع الروحي والثقافي وفي مكة تفتح ذهني على فهم معنى الدولة وكيف تدار شؤونها وعرفت ما معنى الوزارة والوزير ودوره العملي والوطني في الإدارة والتنظيم لخدمة مصالح البلاد والمواطنين في جميع مناطق المملكة ومدنها وقراها، ولم يكن في تلك الحقبة تعدد للوزارات أو الوزراء وأشهر وزارة في ذلك الحين هي وزارة المالية وأول وزير لها هومعالي الشيخ عبدالله السليمان الحمدان رحمه الله و"الوزارة" في اللغة تعني منصب الوزير - واحد أقسام السلطة الإدارية العليا. وتعتبر وزارة المالية الوزارة "الأم" حيث كانت ترتبط بها مختلف المديريات العامة مثل: مديرية المعارف، ومديرية الصحة، ومديرية الزراعة، وغيرها من المديريات التي تطورت فيما بعد إلى وزارات حين تشكيل أول مجلس للوزراء عام 1372ه -1953م في أواخر عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله ومن ذلك يتضح مدى ما كان يتحمله معالي الشيخ عبدالله السليمان من اعباء ومهام جسام في ادارة شؤون وزارة المالية وما كان يتبعها من مديريات عامة تحولت فيما بعد إلى وزارات لكل منها وزيرها واختصاصاتها ومسؤولوها وفنيون واداريون، ولها فروعها في مناطق المملكة. وقد حظي معالي الشيخ عبدالله السليمان بثقة ودعم الملك عبدالعزيز رحمه الله ويذكر الاستاذ خير الدين الزركلي في كتابه "الوجيز في سيرة الملك عبدالعزيز" أنه لم يبلغ إنسان من رجال الملك عبدالعزيز ما بلغه عبدالله السليمان الحمدان من الحظوة لما تميز به من حسن التدبير والتكفير، ولم يقتصر عمله على "وزارة المالية" بل أضيفت إليه مهام حيوية أخرى ومنها شؤون البترول والمعادن، وما يتصل بذلك من مفاوضات واتفاقيات.. وكان هو من وقع على اتفاقية التنقيب عن النفط وإنتاج وتكرير البترول الذي اصبح أهم مصادر دخل المملكة وتمويل مشاريع التنمية التي تمت، وما يخطط له للحاضر والمستقبل الأفضل إن شاء الله. وقد اشاد العديد من المؤرخين بجهود وانجازات معالي الشيخ عبدالله السليمان الحمدان والتي تعبر عن مدى الولاء والإخلاص للوطن العزيز ولرائد النهضة والإصلاح الملك عبدالعزيز الذي منحه ثقته الغالية ودعم جهوده في مجالات البناء والتطوير والإصلاح. ومعالي الشيخ عبدالله السليمان الحمدان من الرجال الافذاذ الذين انجبتهم مدينة "عنيزة" بالقصيم ولذلك لا يستغرب ما نشرته جريدة "البلاد" بتاريخ 26 / 12 / 1430ه بعنوان "عنيزة تكرم أول وزير سعودي" حول حفل التكريم الذي خصص لتكريم معالي الوزير الراحل الشيخ عبدالله السليمان الحمدان أول وزير للمالية في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله. وما أجمل هذا الوفاء من أبناء وأهالي عنيزة للرجل الذي يعد من رواد نهضة بلادنا الحديثة، وكان همه وشغله الشاغل تنمية وتطوير مناطق ومدن وقرى المملكة بدافع وطنيته، وما يجده من توجيه ودعم وتشجيع من مؤسس المملكة الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله الذي اعطى لرجاله المثل في العزم والتصميم فيما حققه من ترسيخ قواعد هذا الكيان الشامخ الكبير. وعنيزة حين تعبر عن الوفاء لهذا الرائد من رواد النهضة لا لأنه خصها بالجهد والعطاء ولكن اعتزازاً بجهوده في خدمة الوطن العزيز ككل، في شرقه، وغربه، وشماله، وجنوبه، وإن كانت "عنيزة" تحتل مكانتها في مشاعره ووجدانه فقد كانت تجد نفس الاهتمام الذي يوليه لبقية مدن المملكة. وفيما بين عام 81/ 1982 ه زرت مدينة "عنيزة" فشعرت بالاسف لعدم توفر الخدمات الأساسية فيها ومنها الكهرباء التي تعتبر من ضروريات الحياة العصرية. وعندما عدت إلى جدة كتبت اكثر من مرة في جريدة "البلاد" حين كان رئيس تحريرها الصحفي الرائد الاستاذ حسن قزاز وكانت مضامين كتاباتي المشار إليها تدعو إلى ضرورة تأسيس شركة للكهرباء في مدينة "عنيزة" وناشدت رجال الاعمال من ابناء عنيزة المتواجدين في المناطق الوسطى والشرقية والغربية الى تضافر الجهود وتأسيس شركة كهرباء في عنيزة كخدمة وطنية واستثماري تجاري، وذكرت اسم معالي الشيخ عبدالله السليمان الحمدان ضمن من أثق بوطنيتهم وإدراكهم لأهمية هذا المرفق الحيوي المهم. وذات يوم ابلغني الاستاذ حسن قزاز رحمه الله أن معالي الشيخ عبدالله السليمان يرغب في حضوري لديه لأمر مهم. وبعد عصر ذلك اليوم وحسب دعوته الكريمة ذهبت إلى منزل معاليه في جدة فوجدته وبعض المقربين إليه في مجلسه المخصص عصرا في الحديقة فخاطبني بكلمات مشجعة وقال إنني اطلعت على ما كتبته عن حاجة مدينة "عنيزة" لشركة كهرباء وأقدر اهتمامك بهذا الموضوع الحيوي، وأضاف إنني لا استحسن الاحتكار الفردي ولكن ينبغي أن يستجيب رجال الاعمال ويتكون منهم مجموعة مؤسسين حسب نظام الشركات ويطرح باقي رأس المال للاكتتاب العام. وأبدى استعداده للمساهمة واشترط مساهمة "آل الجفالي" بصفتهم بيت خبرة في تأسيس شركات الكهرباء وكتبت ما أبداه من وجهة نظر حكيمة، وتجاوب من تجاوب من رجال الأعمال عندما وجدوا معالي الشيخ عبدالله السليمان أول الداعمين والمشجعين لدعوة تأسيس شركة كهرباء عنيزة التي تحقق وجودها ونمت وتطورت مع تطور عنيزة العمراني والاجتماعي. فرحم الله معالي الشيخ عبدالله السليمان الحمدان وأثابه على ما بذله من جهود مخلصة في سبيل خدمة الدين والوطن العزيز.