ويواصل صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل حديثة في الندوة التي حضرها العديد من كبار الرسميين والإعلاميين في قاعة المحاضرات بأوكرا هوتيل في طوكيو، ويجيب سموه بوضوح وصراحة عن الأسئلة، ومنها سؤال عن الوضع في أفغانستان، وعن نفس طالبان الطويل في المقاومة، لخبرة سموه وسعة إطلاعه على الأوضاع في أفغانستان بحكم مركزه رئيسا لجهاز الاستخبارات العامة في المملكة وقت تسلم طالبان للحكم، فأعطى سموه الحضور شرحا وافيا عن الوضع القبلي في أفغانستان، وعن التنافس بين رؤساء القبائل على الزعامة وعلى احتكار السلطة، ناهيك عن سيطرتهم على زراعة المخدرات والمتاجرة بها، وأن هذا الوضع من شأنه أن يجعل التوصل إلى حالة من الاستقرار في أفغانستان أمرا صعبا، ويرى سموه أن القضاء على زراعة المخدرات من شأنه تضييق الخناق على طالبان وعلى من من يدور في فلكها، وأن هذا يتطلب توفير الإمكانيات لزراعة منتجات أخرى. ومن الندوة عودة إلى مبنى السفارة ليلتقي سموه برؤساء البعثات الدبلوماسية العربية المعتمدة والمقيمة في طوكيو، وبكبار الشخصيات اليابانية الرسمية والأكاديمية والصناعية والمالية، يحدثهم سموه عن الرغبة الصادقة للمملكة في علاقات وطيدة وتعاون في كافة المجالات مع اليابان، وأن الشرق وتتصدره اليابان هو ما توليه المملكة العناية والاهتمام، وتعمل جاهدة على توظيف استثماراتها في القارة الآسيوية التي ننتمي إليها، وثمن بكثير من التقدير الشراكة البناءة بين سوميتومو اليابانية وأرامكو السعودية في مجال العلوم والتقنية التي كانت من أولى ثمراتها جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في تول شمال مدينة جدة. ومن بعد تصدر سموه الكريم مائدة العشاء التي أقامها سعادة الأخ السفير الدكتور عبدالعزيز تركستاني وتبادل الأحاديث مع الضيوف، وغادر إلى مقر إقامته بعد يوم حافل أمضاه سموه من الصباح الباكر إلى ساعة متأخرة من الليل، وبعد رحلة سريعة إلى هيروشيما توقف خلالها في متحفها الذي يعرض فيلما وثائقيا للقصف النووي وصورا فوتوغرافية لما كانت عليه هيروشيما قبل القصف وبعده، وبقايا متفحمة للبشر وللحجر، مشاهد مؤثرة ومؤلمة لما حدث في ذلك اليوم الشؤم السادس من أغسطس لعام 1945، تجبر كل من زار المتحف على مضاعفة الجهد من أجل تحرك عالمي للتخلص من أسلحة الدمار الشامل في كافة أرجاء العالم. وتطل رشا بوجهها الملائكي وبرفقة والديها لتهنئتي بسلامة العودة من رحلة اليابان، ولتعتب عليّ لعدم مفاتحتي لها ولوالديها بنية سفري لليابان بوقت مبكر، ولاختياري العشر الأخير من أكتوبر والأسبوع الأول من نوفمبر للرحلة وهو وقت دراسة عندها وعمل عند والديها، فهي، ووالديها، بشوق لزيارة اليابان وأنا معهم لأقوم بدور المرشد الخبير، وكانوا يقدرون للزيارة أن تتم مع أعياد نهاية العام التي تمتد من الثالث والعشرين من ديسمبر وحتى السادس من يناير. سألتني عمن لقيته من الصحب والأصدقاء الذين تعرفت عليهم في كل من مدريد وماربيا، وكيف حالهم وأحوالهم، وما الجديد الذي شاهدته في عالم التقنية، وهل يعاني اليابانيون من صدمة انهيار سوق المال العالمي كما تعاني أسبانيا وبلدان عديدة؟ وهل التقيت بصديقك الأكثر أناقة وتقصد به سفير اليابان السابق لدى أسبانيا الصديق موتوهيدي يوشيكاوا الذي نقل مؤخرا إلى طوكيو ليتولى الملف الأفغاني الباكستاني الساخن، وهل لا يزال الطلب على طبقك الساشيباشي كثيرا؟ وهل تمكنت من تقديمه لأصدقائك في اليابان حيث سمك الماجرو أكثر جودة وأطيب نكهة؟ وهل؟ وهل ؟ فوعدتها بالحديث وبالتفصيل الممل، وتوقفت عن متابعة الكتابة لأتفرغ للضيوف وما يقتضيه الواجب تجاههم، وعلى أمل المتابعة في عدد قادم بعون الله.