تم يوم أمس الخميس عقد ندوة موسعة تحت شعار رفع ادراك البرلمان بالتزاماته نحو حماية حقوق الانسان والحريات طبقا للمواثيق الدولية لحقوق الانسان. وفي هذه الندوة تم تقديم دراسة بحثية عن مدى توافق القوانين والتشريعات اليمنية مع المواثيق الدولية والقانون الدولي العام. وبعد ذلك كما يحدث في كل الندوات فتح الباب للحاضرين للنقاش فشرقوا وغربوا وأوسعوا النظام السياسي الذي يعيشون في ظله بالكثير من التهم بالتقصير، ونفسوا عن كل ضيق في داخلهم أكثر مما اهتموا بالعلاقة بين التشريعات المحلية والقوانين الدولية. ولما بدأ الحديث عن الحريات كان مفهوم الحرية هو الاكثر مدعاة للتأمل، فقد كان واضحا لدي المشاركين والمشاركات في الندوة كل ما يتعلق بالضوابط والقيود للحرية، أما الحرية نفسها فلم تكن مفهومة. وبرغم ان الحوار يرتبط بحرية الرأي وحرية التعبير وحرية المعتقد فقد انحصر في الغالب على حرية الصحافة. وكانت الغلبة لحرية الصحفيين المعارضين اكثر من حرية الصحفيين الموضوعيين المزودين بالحقائق والمعلومات والبيانات فما بالك بالصحفيين الموالين. فحرية الرأي وحرية التعبير جزء من حرية الاعلام ولكن حرية الجهر بالحقائق والمعلومات الصحيحة وإعلام الناس بها كان قضية يأخذها كل جانب حسب الفكر والمعتقد والجهة السياسية التي يتبعها. فقد كان النقاش يبدوا كما لو أن سقف الحرية هو "انت حر طالما ما تقوله يخدم توجهي وأفكاري فإذا اختلف عنها فسقف حريتك يحتاج الى ضوابط". سقف حرية مخروم: قد يكون اللبس في الحديث ناتج عن مفهوم حرية الرأي وحرية التعبير نفسها. فالرأي أساسا عملية فكرية يتولاها العقل تعتمد على مقدمات وفروض لاستخلاص النتائج. ويشترط في طرح الرأي على آخرين المرونة لأن الرأي يعرض ولا يفرض. أما حرية التعبير فهي خروج هذا الرأي الى الناس عبر وسائل التعبير المختلفة كالكتابة او الفن أو الكلام أو لغة الجسد، شريطة توفر الحرية للوصول والحصول على المعلومات والبيانات والحقائق. وهنا تأتي أهمية المواثيق الدولية والقوانين المحلية في حماية هذا الحق وتنظيمه. لكن العالم العربي بأكمله يواجه مشكلة في هذا الجانب تشريعية وفكرية. فالقيود على حق الوصول الى المعلومات والقيود على نشرها تفوق الحصر. ففي اليمن مثلا يوجد قانون للصحافة لكن هذا القانون يقيد العاملين في الصحافة أكثر مما يحمي حقهم في حماية مصادر المعلومات وحقهم في نشر المعلومات للناس. وحتى في غياب القوانين يمارس الصحفيين على انفسهم وعلى من يعملون معهم قيودا وضوابط استباقية خشية النشر وعقوبات النشر لكثير من القضايا حتى مايقبل اللبس فيها ويحتمل حسن النية اكثر مما يحتمل مضمونا آخر. وقد بذلت محاولات كبيرة من الفقه والقانونيين لضبط مفاهيم واضحة للمصطلحات التي تفرض على حقوق الانسان والحريات ما يكفي ليستعين به العاملين في وسائل الاعلام المختلفة. [email protected]