** حتى لا تخلط الأمور خلطاً، ولا نهضم وزارة التعليم العالي حقها، وأيضاً لا نمنحها زخماً إعلامياً فوق ما يجب.. فإن الوزارة قد استطاعت هذا العام أن تنجح فيما فشلت فيه أعواماً كثيرة سابقة ، في مسألة قبول طلاب الثانوية، الذين تقاطروا على الجامعات، وكلهم أمل في مقعد جامعي. ** نعم الوزارة وجامعاتنا قبلت هذا العام أكبر عدد من الطلاب في تاريخ التعليم الجامعي، وهذه نقطة تحسب للوزارة، ولقياداتها بعد أن كان القبول في السنوات السابقة أقرب ما يكون إلى أسلوب (بالقطارة).. وأفسحت المكان للكثير من أبنائنا الذكور والإناث، بأن يحققوا طموحهم وأملهم في الدراسة الجامعية، استشعاراً من الوزارة لدورها ومسؤوليتها. ** لكننا من جانب آخر يمكن أن نقول إن هناك أعداداً أخرى كثيرة لم يتم قبولها هذا العام، وهناك أعداد أكبر بكثير رفضت الجامعات قبولهم العام الماضي، وهم الآن يدرسون على حساب آبائهم، وعدد منهم يدفع مبالغ مالية كبيرة في معاهد أهلية وكليات وأكاديميات، فيما يرون زملاءهم ينعمون بالدراسات المجانية، وبالابتعاث، وبدعم الصناديق المختلفة. ** دعوني هنا أقترح على الوزارة تبني مشروع فكرة رائعة، بأن تختضنهم الوزارة تحت معطفها، والذي هو بالنهاية معطف الدولة، فهؤلاء أولاً وأخيراً هم أبناؤنا، ولم يختاروا التعليم الجامعي الأهلي من عند أنفسهم، وإنما رفضت الجامعات قبولهم، فلم يكن أمامهم سوى (ركوب الصعب)!! ** ما الذي يمنع وزارة التعليم العالي من أن تفاجئنا بقرار شمول أولئك بمنح دراسية ابتعاثية على حساب الوزارة، وأن تتكفل بدفع مصاريف دراستهم، فهم كما قلت آنفاً أبناء البلد، وحق من حقوقهم المشروعة أن يدرسوا بالمجان، تطبيقاً للسياسة العامة لنظام بلادنا، الذي ينص على أن التعليم حق مشروع للجميع كفلته لهم الدولة. ** أظن حقيقة أنه من الغبن، بل والغبن الشديد، أن يجد هذا الطالب السعودي أو ذاك نفسه، وقد رفضته هذه الجامعة أو تلك وقد راح يدرس على حسابه الخاص‘ وبمبالغ مالية قد تصل إلى خمسين ألف ريال أو تزيد، بينما زميله الآخر ينعم بالتعليم الجامعي المجاني. ** أنا في الواقع لا أفهم حتى اللحظة أن تتنازل وزارة التعليم العالي عن مسؤولياتها في رفض حشد كبير من أولادنا وبناتنا من حقهم في التعليم الجامعي، حتى ولو كان ذلك تحت مبرر، يمكن أن أسميه (النخبوي) وهو اختيار طلاب الممتاز وبعض الجيد جداً ثم ترك البقية للشارع!! ** وحتى لو قبلنا منطق الجامعات في اختيار أصحاب الدرجات العليا من الطلاب، وبالتالي قبولهم للدراسة بها، فإنه من الجانب الآخر لابد - وهذا مهم جداً - من نظرة إلى الطلاب الذين حصلوا على درجات أقل، بحيث يمكن تغطية نفقات دراستهم في المؤسسات التعليمية الأهلية، وأظن هذا هو منطق العدل، وأيضاً منطق المسؤولية تجاه أبناء الوطن.