تسهم التنشئة الوطنية الصحية في التنميةة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية والتقنية مما يساهم في تدعيم قاعدة الاستقرار والامن الاجتماعي والسياسي الذي يعد القاعدة الاساسية للامن والاستقرار الوطني، فأساليب وآليات التنشئة الاجتماعية السياسية بقيمها واخلاقياتها ومبادئها المختلفة والمتلائمة مع مصالح الدولة تسمى "التنشئة الوطنية". فالتنشئة الوطنية يجب تدعيمها وتقويتها بمشاعر الولاء والانتماء الوطني، واذا كانت تعتبر احد مجالات العلوم السياسية والاجتماعية بصفة عامة، فانها تعتبر المحور الاساسي لاهتمام الكثير من القيادات السياسية بصفة خاصة، كما تسهم التنمية الوطنية المستقرى في اعداد المواطن الواعي المنتج اعدادا يوصله للمشاركة الصحيحة والفاعلة في المتغيرات التنموية سواء السياسية ام الاجتماعية ام الاقتصادية، فعملية التربوية الوطنية هي التي تتولى تشكيل شخصية الفرد في مراحل حياته المختلفة، بدءا بالأسرة، والمدرسة وانتهاء بالجامعات والنقاببات والاندية والجمعيات. وتتدخل هذه المستويات الاجتماعية المختلفة في تحديد مدى استجاببة وصياغة مواقف الفرد لاعداده فكراً وسلوكاً وممارسة لخدمة وطنه وأمته، كما تنمي فيه مشاعر الولاء والانتماء والتركيز على الحفاظ على هذه القيم الاجتماعية والموروث الحضاري والايمان بهما والدفاع عنهما، مما يسهم في تعزيز دور الهوية الوطنية، ومن ثم القومية للمجتمع بأسره، الأمر الذي يقود الى تنمية سياسية سليمة. ويعتبر الولاء للهوية الوطنية بشكل عام ولاء للامة وفكرها وحضارتها، وقيمها وعقيدتها. لذلك يفهم العديد من المحللين بأن مهمة التنشئة الوطنية هي خلق الاحساس العام بالهوية الوطنية والحافظ عليها وعلى ديمومتها، والتي تعتبر نقطة الارتكاز والانطلاق للتنمية السياسية. فالتنشئة الاجتماعية والسياسية تقوم على ادراك الفرد لقيمته ومعتقداته والمفاهيم الاجتماعية المختلفة التي يؤمن بها، هذا الفهم لايدركه الفرد عند ولادته، وانما من خلال مراحل حياته المختلفة، اي عبر دخوله في الثقافة السائدة في وسطه العائلي والاجتماعي، وانتقاله من نمط ثقافي مرحلي معين الى نمط آخر. واذا ما تضافرت المكونات الاجتماعية للفرد مع الاحساس بالذاتية واستحضار الارث الحضاري والقيمي، فإنها تؤدي الى تفاعلاته المجتمعية المختلفة سواء السياسية ام غيرها. لذلك تعتبر التنشئة الاجتماعية والسياسية هي العملية التي يتمكن الفرد من خلالها من تكوين مداركه السياسية والتصرف على النظام السياسي، وتشكل ردود افعاله المختلفة ازاء اي ظاهرة سياسية، وبالتالي تؤدي إلى احاطته بالوسط الاقتصادي والاجتماعية والثقافي في المجتمع الذي يعيش فيه، والذي بالتالي يصيغ مواقفه وقيمه السياسية التي تسهم بشكل او بآخر بمشروع التنمية السياسية. واذا كانت اهمية التنشئة الوطنية تكمنن في تجذير الاحساس بالانتماء والولاء للوطن والامة، فإنها تعد من جانب آخر ضرورة اجتماعية من اجل تنميةة المعارف والقدرات والقيم والاتجاهات والمشاركة في خدمة المجتمع، ومعرفة الحقوق والواجبات التي يتمتع بها الفرد من اجل تنمية سياسية ناجحة تستوعب الظروف والمتغيرات الدولية التي تواجه المجتمع، خصوصا في عصر العولمة التي غدت ظاهرة نتاج طبيعي لعملية التفاعل الانساني بين المكونات الداخلية للمجتمعات والضغوط الخارجية، سواء الاقليمية أو الدولية. فهل تستطيع التنمية السياسية المواءمة بين استحقاقات التنشئة الوطنية ببعديها القومي والاسلامي ومتطلبات العولمة؟ مدير عام وزارة التخطيط / متقاعد فاكس: 6658393