قبل أن نبدأ بالكلام عن كيف تحكم أمريكا نود في عجالة أن نتطرق إلى تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث كانت في القرن الخامس عشر قارة مجهولة عن العالم هي وأمريكا الجنوبية وأجزاء كثيرة من قارة أفريقيا، وحينما بدأ البرتغاليون والأسبان في البحث عن طريق يؤدي إلى شرق آسيا لاستيراد التوابل من هناك حيث كانت الدولة العثمانية تسيطر على الطريق المؤدي إلى شرق آسيا، فقام الرحالة البرتغاليون أولا بالقيام برحلات حول أفريقيا حتى وصولوا إلى رأس الرجاء الصالح، ومنه اتجهوا إلى شرق آسيا لاستيراد التوابل والشاي من هناك، إلى أن أتى (أمريكيو فسبوتشي) وهو رجل إيطالي من عائلة فلورنسية عمل في أول حياته في السلك الدبلوماسي ثم التحق بخدمة (آل مدينتسي) الذين انتدبوه إلى إسبانيا ليشرف على مصالحهم التجارية هناك، وقد اهتم بأن يقوم بتكملة ماقام به (فاسكو دوجاما) حيث أن الأخير حينما اكتشف سواحل أمريكا الجنوبية ظن أنها قطعة من شرق آسيا، إلا أن (أمريكو فسبوتشي) شك في هذه المعلومة وأحب أن يتأكد منها وقام بأول رحلاته فاكتشف سواحل أمريكا الشمالية وعرف أن هذه أراض جديدة وليست قطعة من شرق آسيا، لذا أطلقوا عليها قارة أمريكا. وبدأ التفكير باستعمار أمريكا في عهد الملكة اليزابيث 1558/ 1603الذي شغل طيلة النصف الثاني من القرن السادس عشر والذي امتاز بالازدهار وبالسلم الداخلي، ففي هذا العهد أظهر الانجليز اهتماما كبيرا بالبحر وبصناعة السفن زاد في قوة انجلترا خاصة بعد تحطيم أسطول اسبانيا القوي في 1588 مما أدى إلى انتقال السيادة على البحار إلى الانجليز. وبعد وفاة الملكة (اليزابيت) خلفها على العرش (جيمس الأول) سنة 1603، وفي عام 1620 صدر امتياز جديد يقضي باستعمار كل الأراضي الواقعة بين خطي العرض 40 و 48 شمالا، أي كل الأراضي المعروفة باسم انكلترا الجديدة، ولم يكن المهاجرون الأوائل إلى هذه الأراضي من المغامرين أو الباحثين عن الثروة وإنما كانوا من االهاربين من الاضطهاد الديني في أوربا، وبسرعة أخذت بعد ذلك تتوطد الأمور على ساحل (ماساشوستس) وخاصة بعد أن وفدت عليها جماعات كثيرة من البيورتانيين عليها، أما في المناطق الجنوبية من الساحل فقد كان تدفق المهاجرين شديدا أيضا. وكذلك هاجر الفرنسيون من فرنسا بين سنتي 1660 و 1690 بسبب الاضطهاد الديني، وكذلك هاجر الألمان بسبب حروب (لويس الرابع عشر) ثم تبعهم اليونان والايطاليون والسويديون والإسبان، إلا أن الانكليز كانوا يشكلون الأغلبية العظمى بين السكان، وفي مطلع القرن الثامن عشر وقبل استقلال أمريكا بفترة طويلة كان كل الشاطئ الشرقي لأمريكا الشمالية والواقع بين خليج سان لوران في الشمال وولاية فلوريدا الاسبانية في الجنوب قد استعمر من قبل الانجليز وانقسم إلى ثلاثة عشر مستعمرة ترفع كلها دون استثناء العلم البريطاني، وهي مستعمرات الشمال وهي (نيوهامشاير، ومساتشوستش وكونكتكت ورود ايلند) وفي هذه المستعمرات ظهرت أولى الجامعات الأمريكية (هارفرد سنة 1636). أما مستعمرات الجنوب فهي (مريلاند، فرجينينا، كارولينا الجنوبية، وجورجيا)، والمستعمرات الوسطى وهي (نيويورك ونيوجرسي وديلاوار، وبنسلفانيا). وفي سنة 1763 وعقب معاهدة باريس كان يبدو في الظاهر أن النصف الشمالي للقارة الأمريكية قد استقر نهائياً ضمن نطاق الامبراطورية البريطانية، فكل شيء يشير إلى شدة الترابط بين الوطن الأم ومستعمراته في أمريكا، فسكان الأراضي الجديدة لم يحاولوا أن يؤسسوا لهم مدنية جديدة إنما كانت حياتهم امتداداً لما ألفوه في وطنهم الأصلي. وإلى اللقاء في الحلقة القادمة فاكس 8266752