انتهت ثقتنا بمدارسنا حيث بدأت اختبارات القياس في حين كان تعليمنا يحظى بثقة ورعاية واهتمام ومخرجات جعلت منه يُشكل بؤرة حياتنا ومستقبل أبنائنا. ونسأل بعضنا البعض .. لماذا تنهي اختبارات الساعة والساعتين ما حفظه الطالب ووعاه من الماضي للحاضر؟ لقد شاهدنا العديد من الطلاب يُقبلون على الجامعات معتمدين على درجاتهم لا استعداداتهم أو قدراتهم أو مهاراتهم؟ مما حدا بالجامعات إلى استنكار هذه النوعية التي اعتمدت على الكم في الدرجات دون نوعية الطالب من القدرات أو حتى الاستعداد للدراسة العليا! مما حذا بوزارة التعليم العالي أن تبحث عن حلول تحد من دخول هذه النوعية من الطلاب إلى الجامعات وبالتالي تسربهم في منتصف الطريق دون استكمال متطلبات الجامعة من القدرات والأسس التي بني عليها مهاراتهم وتحصيلهم. هذه المدارس بمعلموها وإداراتها في نظرنا كتربويين قضت على مبدأ الثقة المتبادلة بين التعليم العام والجامعات! كما أنها تجنَّت على حق من حقوق بناء أسس المجتمع وبالتالي على سوق العمل فخرّجت لنا طلاباً لا أقول أنصاف متعلمين بل ضحايا التعليم..! فما كان من الوزارتين (التعليم العام والتعليم العالي) سوى إيجاد اختبارات القياس والقدرات التي تضع الطالب على المحك الأساسي للارتقاء في سلم التعليم. وهي تكشف عيوب التحصيل والثقة المفقودة بالمدارس والمعلمون وبإدارات التعليم! رأينا اليوم الفوارق الشاسعة تظهر بوضوح بين ما حصله الطالب وبين ما حققه في اختبارات القياس. وقفت شخصياً بطلاب يحصلون على نسبة 96% في اختبارات التحصيل بالمدارس بينما تتضح قدراته في اختبارات القياس بأنها لا تتعدى (40% أو 60%) مما يخيّب آمالنا كمربين وأولياء أمور ويكشف ضعف الثقة بالتعليم العام. رغم أن اختبارات القياس استطاعت على مدى ساعات أن تكشف مستوى الطلاب إلا أنها تحتاج إلى تقنين أكثر لكي تقيس ما يُراد قياسه أكثر مما تحتاج أن تكشف عن قدرات الطلاب في المدارس. فاختبارات القياس تعتمد على القدرات أكثر من اعتمادها على الفهم والحفظ، فعلى اختبارات القياس أن لا تخلط بين القدرات والذكاء والاستعداد والاتجاه والتحصيل حتى لا يضيع أبنائنا في متاهات التحصيل والقياس والقدرات. كما أود أن أنوّه هنا بأن هناك ظُلم واضح قد وقع أثناء اختبارات القياس هذا العام وهي أن المدارس لدينا تعتبر منفصلة تماماً عن ما يتعرض له الطالب أثناء اختبارات القياس. كان الأجدر بمدارسنا أن تعوّد وتمرن الطالب على كيفية أسئلة اختبارات القياس حتى لا يقع في شر جهله بهذه الأسئلة ويستخدم عامل التخمين على عامل التأكيد. كما أن هناك ملاحظة تخصُّ وزارة التعليم العالي بشأن اختبارات القياس وهي أنه كان من المفترض على وزارة التعليم العالي أن تساوي بين الطلاب والطالبات في اختبارات القياس حيث أن الطالبات ظلمن بها أكثر من البنين فالفرص المتاحة للطالبات محدودة جداً وهي لا تتعدى اختباراً واحداً خلال هذا العام؟ بينما فرص اختبارات القياس لدى البنين كانت ثلاث اختبارات مما قلل من فرص قبول الطالبات في مقابل الطلاب؟ نحن كتربويين نرفع تظلم أبنائنا لمعالي وزير التعليم العالي لمراعاة وضعهن وإتاحة تكافؤ فرص الاختبارات أمامهن حتى يحققن النسب التي استطاع الطلاب تحقيقها. وحتى لا يفاجأ المجتمع بخيبة أمل جديدة لابد من التخطيط السليم وإيجاد رؤية مستقبلية بعيدة المدى تعيد للتعليم مكانته وللإنسان قيمته وللوطن اعتباره. فالمعركة لازالت مستمرة لبناء وطنٍ قوي.