كتب صديقنا الأستاذ قينان الغامدي مقالا بعنوان "أكبر اقتصاد وبطالة تتزايد" وأشار إلى إمكانات المملكة والتحديات التي تواجهها، فالمملكة تمتلك أكبر إقتصاد في المنطقة ويبلغ 583 بليون دولار، وتبلغ نسبة نمو الإقتصاد 4،2 % سنويا، ويقدر حجم الفائض في الميزانية لهذا العام 150 بليون ريال وهو أكبر فائض في تاريخ المملكة، ويقدر حجم الفائض في الميزان التجاري 143 بليون دولار وهو أيضا أكبر فائض في تاريخ المملكة حسب ما ذكر، ويقدر حجم الأصول والودائع والإستثمارات الخارجية التي تمتلكها المملكة 406 بليون دولار، وهو ما يعنيني من تلك الأرقام والتي أوردها أبو عبد الله في مقاله، وكما هو معلوم أن ما نسبته 70 % - 80% منها أرصدة نقدية وسندات خزينة أمريكية عائدها محدود نسبيا ولكنها قليلة المخاطر، والسؤال الذي يتردد دائما، لماذا لا يتم وضع تلك المليارات في إستثمارات منتجة تدر أرباحا هائلة، لماذا لا يتحول إقتصاد المملكة إلى إقتصاد سلعي وخدمي بدلا من إعتمادها على الإقتصاد الريعي، كالكويت التي إستطاعت أن تجعل من إيراد النفط ثاني دخل بعد إيراد الإستثمارات العامة، لذلك فهي لا تعتمد على النفط بشكل رئيسي في التخطيط لمستقبلها،ولا ترتهن بأسعاره في السوق العالمية، على العكس نجد أن إقتصاديات المملكة تعتمد بشكل مباشر على أسعار النفط العالمية، 70% - 90% من إجمالي واردات الخزينةمن النفط، لذا يجب أن تسعى المملكة على تنويع قاعدة مصادر دخلها وتعيد النظر في إستراتيجياتها المطبقة في هذا الخصوص، فالدول الناجحة والمقتدرة تبحث في خضم الأزمة الإقتصادية العالمية عن إقتناص فرص إستثمارية في الأسواق العالمية، فالفرص الإستثمارية لا تأتي كل يوم، خصوصا إذا علمنا أن كثير من الشركات العالمية تأثرت جراء الأزمة المالية وأنها في حاجة ماسة إلى ضخ سيولة تعينها على مواجهة مشكلاتها المالية، فالأزمة لن تستمر طويلا وحسب الشواهد التاريخية لا بد وأن تنتهي، خصوصا مع الإجراءات التي تقوم بها دول العالم للتغلب عليها، بما في ذلك خطط تحفيز النمو التي أعلنت عنها الصين، والقرارات التي إتخذتها دول العشرين، والإجراءات التي إتخذتها الدول الصناعية لتدعيم قدرة المصارف المالية وضمان الودائع فيها، لذا فإن الأزمة الإقتصادية في طريقها للتلاشي،وقد يستغرق ذلك بعض الوقت، لكن لا يتوقع أن تتدهور الأوضاع إلى ما هو أسوأ في المستقبل، لذا فإن البحث عن الفرص الإستثمارية وإقتناصها يعد أمرا مطلوبا من أجل تعظيم المنافع الإقتصادية وتقوية المراكز المالية ورفع الحصص السوقية في المستقبل، وهذا ما ينبغي لحكومتنا الرشيدة فعله والنظر في سياستنا المالية و إستغلال تلك الفرص التي لن تتكرر في المستقبل القريب، وذلك بعد دراسة كافية من قبل جهات محايدة مختلفة تحدد إيجابيات كل فرصة وسلبياتها بدقة شديدة وبمهنية عالية، فعندما تهوي القيمة السوقية لأسهم شركات عالمية معروفة تتمتع بمراكز مالية قوية ومتينة بنسبة تتجاوز ال 70 في المائة فهذه فرصة يمكن إقتناصها، وعندما تحتاج شركات أخرى إلى سيولة تمكنها من تصريف أمورها ولا تجدها فإنها لا محالة ستتنازل عن شروط عديدة للحصول عليها، وهذه أيضا تعد فرصة يمكن دراستها بشكل جدي، فإذا كان حجم الدعم الذي تقدمه حكومة الولاياتالمتحدة لشركاتها المتعثرة يبلغ 700 مليار دولار ونحن نمتلك أكثر من نصف المبلغ في مصارف وسندات الخزينة الأمريكية، ألا نستطيع أن نتملك نصف تلك الشركات المتعثرة الأمريكية، والتي يعادل دخلها (بعد تجاوز الأزمة) أضعاف أضعاف دخل البترول. فاكس 6604448 02