** إن الله يأمر بالعدل هذا أمر مطلق حيث ان الآية الكريمة لم تحدد من هو المقصود بالقيام بالعدل فلم تقل الآية أيها الرجال أو النساء أو الحكام أبداً فالعدل مأمور به فعدل الأب مع أبنائه وزوجته، عدله مع خادمه عدل رب العمل مع عماله المعلم مع طلابه فالسارق مثلا ليس بعادل لكونه تعدى على مال الغير وهكذا بقية الظواهر، الكاذب ليس بعادل، فالعدالة ملكية نفسية تمنع صاحبها من ارتكاب الكبائر وعدم الاصرار على الصغائر.. هذا ما يقوله أهل الاختصاص فالذي يصر على الذنب الصغير سوف يوصله الى الذنب الكبير لا محالة في ذلك ابداً، فالعدالة هي عدم القيام بما ينافي "المروءة" كالاكل في الاسواق فهو حلال لكنه ينافي "المروءة" التي يعتبرها بعض الفقهاء شرطاً من شروط العدالة الفردية. فالآية تركز على العدل "الجمعي" فاذا كنت موظفاً مثلا فتقوم بتقديم قريبك على الآخر هذا ليس عدلاً بل لو كان هناك عدو وصديق فتحابى الصديق على عدوك هذا ليس عدلا. فالعدل هو اساس كل شيء، فهناك قول شعبي جميل "لو عدل الناس لاستراح القاضي" لنتمثل عدل رسول الله صلوات الله عليه وسلامه حيث كان لا يفرق في النظر بين صحابته.. لقد كان ينظر اليهم بالسوية الى هذا الحد كان حرصه على أن يكون عادلا صلوات الله عليه. آين نحن من كل هذا الأمر الإلهي الكريم ؟ فهو أمر لابد من الخضوع اليه وتنفيذه. إن الله يأمر بالعدل. فأين هو العدل الذي نتبعه في حياتنا؟ إنه لأمر مؤسف جداً، حيث الميل حسب الهوى هو الذي يأمرنا أو على الأقل يأمر بعضنا، إن الحرص على العدل يجب أن يكون كالحرص على الصلاة والصوم لأنه أمر من الله كما هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالعدل ما دخل في شيء إلا زانه وما بعد عن شيء إلا شانه.