كان وجهه في ذلك الصباح عابساً.. وعضلات "خدية" نافرة بينما بدت عيناه حمراوان كأنهما لم يذوقا للنوم طعماً ،هكذا وصفه له "مدير مكتبه" قبل أن يخطو الى باب المكتب كأنه يعطيه فرصة للتراجع. استمع باهتمام بالغ الى كل هذا الوصف الدقيق ولكنه بعد برهة من التفكير قرر الدخول عليه مهما كانت النتيجة .فرك كفيه ..قرأ كل ما يحفظ من الآيات القرآنية الكريمة ليبعد عنه نحسه وشره.. بهدوء فتح الباب.. عدّل من وضع "غترته" وعقاله المائل الى الخلف قليلاً.. وبخطوات وئيدة قطع المسافة بين الباب والمكتب .. أحسها مشواراً طويلاً ومرهقاً. كان زملاؤه يسترقون السمع من خلف الباب لعلهم يستمعون الى "صرخات المدير" توسط الغرفة.. انتابه شعور انه لم يتنبه له "تنحنح" ايضا لم يعره التفاته كان غارقاً فيما بين يديه من أوراق يقلب فيها بامتعاض واضح .وقف أمامه في هدوء ..بحث عن صوته لم يجده بلع ريقه.. امتدت الى طرف المكتب لمحها.. رفع اليه رأسه نظر اليه من خلف نظارته الذهبية بحدة.. وبصوت أجش قال له: مخصوم عليك ثلاثة أيام.. فتح عينه دهشاً.. بلع ريقه بصعوبة وتساءل لماذا؟ ودون ان يرفع نظراته عما أمامه من أوراق قال له بحده. لانك تجالس.. وتسارر من أنا على خلاف معه.. ماذا بينك وبينه. أبداً لا شيء.. إنه رجل لم أر منه شيئاً ضدك .. لم أسمع منه شيئا قد يلحق بك ضرراً. وبصوت أكثر عنفا رد عليه قائلا إن خلافه معي كاف لكي يجعلك لا تجالسه.. بل إن جلوسه في مكاني كاف لكي يجعلك لا تجالسه. وبجرأه غير متوقعة قال له ولكنك أنت تجالسه بل أراك تنادمه الحديث والضحكات لا تنقطع بينكما عندما يضمكما مجلس "ما" رد عليه هذا شغلي. صمت، مد له بعض الاوراق.. بدا له وهو يوقع عليها كأنه "أحدب نو تردام" راودته نفسه أن يصفعه على رأسه ويخرج من هذا المبنى رافع الرأس دون أن يرفع عينه إليه قال له في حزم هذا الكلام بيني وبينك: حاضر والثلاثةأيام الخصم؟ خلاص سوف أعفيك منها.