* قال متسائلاً وكأنه وصل إلى قناعة: - هل صحيح أن مزاج الجسم تابع لأخلاق النفس؟ قلت: - نعم - وحاولت مداعبته قائلاً: وأزيدك بيتا من الشعر يقول : من شارك الرجال في أفراحها وأتراحها شاركها في عقولها.. ضحك حتى بانت نواجذه قائلاً: - من هو الشاعر هذا الذي عبث بكل أوزان الخليل وأرَّقه في سُباته الأبدي. - قلت : هذا شعر الحداثة المهم المعنى لا المبنى. قال : اتركني من هذا لقد شاب الهوى وشبنا ياصاح، وغدا العمر هوانا.. وضاع العنوان في عين الزمان؟ - رمقته بنظرة يعرفها جيداً وقلت: - متى صرت فيلسوفاً.. ومع ذلك لم أسل تلك الأيام .. ليتنا نعود إلى الصبا .. يوم لا نعرف الهموم ولم يخط الشيب على الزمان.. والآن خطت السنون على جبين كل منا وفاء وحباً وإخلاصاً وتضحية وافترقنا كل لقدره. - ولكن دعني أسألك ماذا جنيت من الأيام ؟ تظاهر بالوقار والجدية وقال: - كل شيء .. ولكن لا تظن أنني سعيد بما جمعته من مال.. صدقني أن المال ليس كل شيء في هذه الحياة , ركضت خلفه لاهثاً وجميع من حولي قانعون. قلت: عجبي ياصاح تنمو أجسام الرجال في توازٍ مع عقولهم وكل الغرائز والميول .. أما أنت فقد نما حب المال في عقلك ونفسك ومات كل شيء سواه .. أين نفسك ؟ وأين حق عيالك نحوك..؟ وأين .. وأين .. ؟! أطرق قليلاً وقال : كنت أظن أن السعادة في المال. - قلت : تفكير مادي .. ومع ذلك فإني لا أثبط همتك .. ضحك وهب واقفاً: ياصاح ألم تسمع أن الإنسان بدون مال لايسوى شيئاً .. والمال هو عصب الحياة.. بالمال نسعد ونملك كل شيء. قال : رومانسية ياصديق العمر. قلت : أنت مثلهم عقلك مفقود .. مفقود ياصاح!؟