التقدم الحضاري الذي غزا مجتمعنا الإسلامي لم يترك شيئا إلا وداهمه دون عناء لتقبلنا هذه التغيرات برحابة صدر وابتسامة على الشفاه تدل على الارتياح وقبول الوضع الحالي دون التفكر في الأهداف المعنية من هذا الغزو الكامل الذي يفوق أسلحة الدمار الشامل التي يمكن الوقوف أمامها وصدها بما يناسبها من أسلحة أخرى، وقد انتشرت في هذه الأيام أسماء غريبة تطلق على المواليد بغرض التغيير والتطوير، وهي في الواقع هدف من أهداف الأعداء لتغيير هوية أسمائنا العربية الأصيلة، فالأسماء من المسائل المهمة في حياة الناس، فهو للمسمى زينة ووعاء وشعار يُدعى به في الآخرة والأولى، فلو نظرنا إلى أسماء أجدادنا وآبائنا وأسمائنا لوجدناها ذات معنى هادف متأثرة بأسماء الله الحسنى، وبالموروث الشعبي، وبالطبيعة، والشخصيات التاريخية العربية التي كانت لها أهمية خاصة في تاريخ الشعوب وحضاراتهم بأمل أن يكونوا حاملين لنفس تلك الصفات التي اتصفت بها الشخصيات القديمة، أما مواليد اليوم فنجد أسماءهم التي تطلق عليهم تقتبس من الأغاني والمسلسلات الهابطة تيمناً بأصحابها المؤقتين، أو بأسماء لا عربية، وكأن لغتنا العربية ضاقت علينا، فلم نجد فيها أسماء نسمي بها فلذات أكبادنا، ومن المعروف أن الأصل في الأسماء الإباحة والجواز، لذا ينبغي تفحص الاسم قبل تسمية المولود على وجوه عدة، فينظر إليه من حيث كونه طفلاً صغيراً ثم شاباً يافعاً ثم أبا ثم شيخاً كبيراً ، ومدى مناسبة الاسم إذا تكنى به... وهكذا، وهناك إجماع على أنه لا بد من تقوى الله عند تسمية الأبناء فقد حثنا ديننا الإسلامي الحنيف على تسمية المولود بأحسن الأسماء ك (محمد وعبد الله وعبد الرحمن وحسن وحسين...) روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (تسموا بأسماء الأنبياء وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة) كما ندب عليه الصلاة والسلام أمته إلى التسمي بأسماء الأنبياء حيث قال : (تسموا بأسماء الأنبياء) وقد حذرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم من التشبه بمن لا خلاق لهم فقال عليه الصلاة والسلام : (ليس منا من تشبه بغيرنا) وفي حديث آخر (من تشبه بقوم فهو منهم) وعلى هذا فلا يجوز لنا أن نسمي أبناءنا بأسماء أجنبية، وعلينا أن نتخير الأسماء الحسنة لأبنائنا، وأن نقتفي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في تسميتهم. فالأسماء قوالب للمعاني و دالة عليها، ولها تأثيراً في المسميات من الحسن والقبح والخفة والثقل، فيا أيها الآباء هذه مسئوليتكم وتلك مهمتكم فاتقوا الله في هذه الذرية واختاروا لهم الأسماء الإسلامية العربية الحسنة التي تحمل في مضامينها المعاني الجميلة، وتدل على الهوية الإسلامية، فالإسلام يحرص على أن تكون للمسلم شخصيته المستقلة المتميزة. * همسة: لكل مسمى من اسمه نصيب. ومن أصدق من الله قيلاً (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ناسوخ / 0500500313