صباح ذات يوم من عام 1403ه تقريبا وجدت زجاج احد الأبواب لسيارتي مكسورا بفعل مجهول استولى على ما بداخلها من أشرطة كاسيت ، كان يومها كسر زجاج سيارة يعتبر لدى الناس جريمة كبرى يساوي انتهاك حرمة البيت وسرقته لذلك اتصلت بالدوريات الأمنية ليقفوا على الحادث متوقعا ضبط السارق في وقت قصير ، وأخذت اصف لمتلقي البلاغ مكان سكني الذي يبعد مئات قليلة من الأمتار ، فانا والدوريات كنا نقطن المربع الواقع ما بين شارع المكرونة وشارع الأمير ماجد وشارع التضامن الإسلامي وشارع فلسطين ، ولاعتقادي في تلك الأيام أن الدوريات تعرف تفاصيل المباني في كل حي أخذت اصف العنوان بتسمية الشارع الرئيس ثم الفرعي ، غير أن المتلقي للبلاغ لم يستطع تحديد العنوان ، فما كان مني إلا أن اصف العنوان بالطريقة التقليدية : اجعل ظهرك لباب الدوريات ، واتجه للأمام متجاوزا الدوار ، وادخل أول شارع يمين بعد الدوار ، ثم أول شارع يسار تجدني بانتظارك . آه يعني هنا جنبنا ؟ تماما ! ولأن كسر زجاج السيارات بل وسرقتها أصبح بعد ذلك امرا اعتياديا لم ابلغ عن كسر زجاج السيارة في عام 1423ه خاصة وأنني قد انتقلت إلى سكن آخر يبعد عن الدوريات بخط مستقيم واصل بين نقطتين أكثر من خمسة عشر كيلو متر ، هذا ما استدعته ذاكرتي وأنا استمع لشرح معالي رئيس مؤسسة البريد السعودي الدكتور محمد صالح بنتن وهو يبشرنا بان البريد بجهود ذاتية وتخطيط منظم وتقنية حديثة تجاوز مشكلة عدم معرفة العنوان ، فقد تم مسح وتحديد وتسجيل كل مناطق المملكة وما يلي ذلك تنازليا حتى رقم صندوق البريد واصل ، وبذلك فان ذلك الرقم هو عنوانك المستقبلي لكل الخدمات التي تحتاجها ، وقد تم التنسيق مع كل الجهات المعنية بهذا الخصوص ، والجميل والرائع في هذا الانجاز من قبل البريد انه قد وضع الأرقام للمواقع حتى وان لم تكن عليها مبان تمام كما يتحدث أمناء المدن ورؤساء البلديات في استعراض ثقافتهم السياحية ويشيدون بكل ثقة بقدرة بلدان أوروبا وأمريكا في إيصال الخدمات إليك بمجرد أن تحدد للجهة مكان سكنك فخلال وقت قصير جدا تكون الكهرباء والماء والهاتف طوع يمينك ، فالخدمات واصلة قبل أن تسكن وقبل أن يبنى البيت بل وربما قبل أن يخطر ببالك في يوم ما أن تكون احد السواح أو الدارسين في ذلك البلد ، فالمسالة ليست أكثر من تفعيل خدمة ، وهنا فقط تدرك أن أمناء المدن ورؤساء البلديات منذ نشأة هذه الوظيفة أكثر حرصا من معالي الدكتور غازي القصيبي في خلق مجالات للعمل في حفر ورصف الشوارع كل ما استدعت الحاجة إلى خدمات الهاتف أو الكهرباء أو المياه ، فحتى هذه اللحظة يتم حفر الشوارع الفرعية والرئيسة لإيصال خدمة واحدة فقط إلى بيت جديد فكل خدمة لها مواصفاتها وشركاتها في الحفر . الأستاذ عبده خال الذي كان احد المدعوين للقاء معالي رئيس مؤسسة البريد بحكم قناعته الصحفية التي تملي عليه التحقق والوقوف على واقع ما تحدث عنه معالي الدكتور بنتن طلب تحديد موقع سكنه وفق ترقيم البريد ، وبفضل التقنية الحديثة المتاحة والمستخدمة من قبل البريد حدد رقم المنطقة وظهرت أرقام واصل بمجرد ذكر الأستاذ عبده للحي الذي يسكنه ، وبتحريك الماوس تعرف عبده على مدرسته التي يعمل بها في ذات الحي ، وأخفى عنا موقع منزله فالمدرسة منشأة عامة أما البيت فليس من الضروري أن يكون معروفا لكل من هب ودب . ترى هل يتفاعل المجتمع مع طموحات البريد فتتعرف الجهات الأمنية والخدمية حكومية وخاصة على عناويننا ونتجاوز كل مشاكل تخطيط المدن والأمانات والبلديات التي لا يعنيها إلا رسم الكروكي للمخطط ثم يتم الإفراغ والبيع لتستمر شركات الحفر والرصف في العمل حتى ما لانهاية في المخطط ؟ لا املك إلا التفاؤل والمبادرة بالاشتراك في خدمة واصل فقد احتاج في يوم ما طبيبا لحالة مرضية أو سيارة شرطة أو حتى بائع الزهور لأنني من المؤكد سأحتفل في يوم ما بمرور عام دون حفر ورصف في الحي .