إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإسلام فريضة لا تغيب، لأنها ان غابت عن المجتمع المسلم دبت فيه الفوضى، فقد مثلها سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسفينة ركبها قوم استهموا، فركب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فإن أراد بأسفلها ان يعفوا من فوقهم من ان يزاحموهم إذا أراد ان يستقوا الماء، فأرادوا ان يخرقوا في أسفل السفينة خرقا يستقون منه الماء، فتركهم من كانوا بأعلاها يفعلون هلكوا جميعا، حين تغرق السفينة، وان اخذوا على أيديهم ومنعونهم ان يفعلوا نجو جميعا. وهذا المثل الرائع لما يؤديه الاحتساب من سلامة لأمن المجتمع وأمانة بتحقق أكثر وبصورة أوضح في القضايا الهامة المغيبة اليوم عن الحسبة، فملاحقة الفساد بكل صوره اداريا كان أو ماليا أو اقتصاديا، والاحتساب على من يقومون به بنهيهم عنه، وكشف عوارهم حتى يرتدعوا، وتقديمهم لجهات الرقابة ليحاسبوا من أهم أعمال المحتسب، وملاحقة الغش التجاري والصناعي، الذي يغرق السوق بالسلع المقلدة، والتي تستنزف أموال الناس ولا يستفيدون منها عمل هام للمحتسب الذي يريد صلاح مجتمعه ينهي أصحابها عن الوقوع فيها، ويقدمهم للجهات التي تحاسبهم ان لم يرتدعوا. كذا المسحوبية التي تنتشر فتؤدي الى حرمان بعض المواطنين من حقوقهم، حيث يقدم عليهم في كل باب من لا يستحق ومحرمون، خاصة اليوم في الوظائف والأعمال والتي يحتاج اليها زهرة الأمة شبابها، هي من الاحتساب الذي غيبناه اليوم، ومن هذا الاحتساب المغيب بامتياز الاحتساب على المظالم التي تقع، سواء أكانت تصدر عن من ولي من أمر الناس شيئا فظلم بعضهم، واساء إليهم، أو كان تظالما بين الناس من مثل حرمان النساء من حقوقهن في الارث أو مالهن لدى الأزواج من حقوق تضيع، وهذا الذي يحدث في بعض الشركات المساهمة من تصرفات تضيع حقوق المساهمي، والمتعاملين بأسهم تلك الشركات في سوق المال. إن الاحتساب في ما يقوم عليه أمن المجتمع وسلامته كتبصير الناس بحرمة العنف والإرهاب الذي عانى منه المجتمع في مجالات عدة، حتى أصبح من مظاهر الحياة في بعض الأسر هو الأهم والأعلى تقديرا، لأن به أمان واستقرار الحياة، شريطة ان يكون بعلم وخبرة ويتصدى له خير رجال هذه البلاد، فهل يفعلون؟ هو ما نرجو والله ولي التوفيق. ص ب 35845 جدة 21488 فاكس 6407043 [email protected]