الطبيعة الجميلة وحدها ليست كافية لتحقيق جذب سياحي متميز والموقع السياحي أيضاً غير كاف لاستقطاب السياح والزوار والمصطافين.. بل توفر الخدمة هو الأهم في تحقيق المعادلة الأفضل في الجذب السياحي، وغابة رغدان أكبر دليل على ذلك إذ تعد أمثولة أوجدها الخالق عز وجل على جبال السروات، حيث تكتسي بأشجار العرعر والطلح دون تدخل بشري.. تشرف على الانحدارات التهامية وظلت الغابة ولسنوات طويلة وكأنها في أقاصي الدنيا دون التفاتة من المسؤولين الذين تعاقبوا على بلدية الباحة منذ مايزيد عن ثلاثة عقود.. ومنذ عامين فقط تغير الحال، إذ وجدت الغابة العناية الفائقة من مسؤولي أمانة الباحة، وهذا القول ليس فيه محاباة أو تملق، فمن أراد التأكد للمصداقية عليه زيارة الغابة وعمل المقارنة بين ما كانت عليه قبل ثلاث سنوات فقط وما هي عليه الآن.. سيجد الفارق كبيراً.. هذا العمل الجميل يؤكد أن الجهات المعنية إذا أرادت أن تعمل فلن يحد من نشاطها أي جهة.. وسيكون إنجازها شاهدا للجميع. وكان الإعلاميون قبل سنوات مضت يشيرون إلى أن غابات المنطقة بجمالها وكثافة أشجارها غير كافية أبداً لجذب الزوار بل لابد من خدمات تُقدم لها كالطرق والمطاعم وألعاب الأطفال ودورات المياه وغيرها.. وفعلاً حققت أمانة الباحة جزءاً من هذا الحلم ومن يلحظ أن المسؤولين في الأمانة لم يستبقوا الأحداث ولم يطلقوا بالونات صحفية.. بل تركوا المنجز يتحدث عن نفسه.. والزائر لمنتزه رغدان يمكن مشاهدة ذلك بأم عينيه.. ونعود إلى أن الباحة أصبحت جهة سياحية جيدة بمصطلحات الهيئة العليا للسياحة إلا أن المنجز لا يتحقق بجهود حكومية فقط.. لابد من تدخل رجال الأعمال.. وهذا الملاحظ في كثير من بلدان العالم إذ يتحقق التوازن بين الجهود الحكومية ومشاركة رجال الأعمال.من أجل تنمية مستدامة، والذي يطمح له المواطن ويتمناه مساهمة رجال الأعمال وهم كثر في رفد السياحة من خلال مشروعات ذات قيمة وطنية واقتصادية وربحية.. ولما كانت غابة رغدان هي المنتزه الأكثر استقطابا بحسب إحصائيات ودراسات أعلنت عنها الهيئة العليا للسياحة منذ عامين فإن هناك أشياء كثيرة تحتاج إليها ومنها المقترح لإنشاء محطات العربات الهوائية المعلقة لتأخذ مسارين أحدهما يربط الغابة بقمة جبل بهول (الجبل المكتسي بالأشجار والمتموسق فوق هامات القرى) مع إقامة مطاعم وملاهي للأطفال وخدمات للشباب والأسر، أما المسار الآخر يتجه إلى المنحدرات التهامية وصولاً إلى قرية ذي عين الأثرية والتي يزيد عمرها عن خمسمائة سنة أنموذجا للبناء المعماري القديم. حتما سيزيد هذا المشروع من رصيد السياحة في قلب المنطقة خصوصاً وأن الهيئة العليا للسياحة تقوم حاليا بتأهيل قرية ذي عين لتصبح منتجعاً سياحياً فريدا على مستوى السعودية ودول الخليج. مشروع التلفريك المقترح لن يتأثر بتغير فصول السنة.. ففي الصيف ستكون حركته نشطة بحكم استقطاب سراة الباحة السياح والزوار.. أما في الشتاء فتزداد السياحة في القطاع التهامي لتمتع أوديتها وقراها بالدفء الذي يدفع بالكثيرين الارتحال إليها. بمعنى أن المشروع المقترح سيشكل حركة دائبة طوال العام. ويسهم في ربط السراة بتهامة. شكرا لأمانة منطقة الباحة.. لجهودها المتمثل في تحسين وتطوير متنزه رغدان والأمل أن يمتد المنجز ليشمل بقية الغابات في منطقة الباحة. والأمنية أيضا أن يبادر رجال الأعمال في تنفيذ مشروعات سياحية يكون عائدها إيجابيا لهم وللوطن. نتمنى أن تصبح الأحلام حقائق.. حقائق أمام العين.