القصف والجوع والشتاء.. ثلاثية الموت على غزة    مغادرة الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    وزير المالية : التضخم في المملكة تحت السيطرة رغم ارتفاعه عالميًا    بدء التسجيل لحجز موقع في المتنزه البري بالمنطقة الشرقية    محافظ الطائف يرأس إجتماعآ لمناقشة خدمات الأوقاف    أمير منطقة تبوك يستقبل الرئيس التنفيذي لشركة المياه الوطنية    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    اكتمل العقد    دوري يلو: التعادل السلبي يطغى على لقاء نيوم والباطن    11 ورقة عمل في اليوم الثاني لمؤتمر الابتكار    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    تكريم المشاركين بمبادرة المانجروف    «الخريجي» يشارك في المؤتمر العاشر لتحالف الحضارات في لشبونة    بلاك هات تنطلق في ملهم بمشاركة 59 رئيس قطاع أمن السيبراني    استقبل مدير عام هيئة الهلال الأحمر نائب الرئيس التنفيذي لتجمع نجران الصحي    خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة خطية من أمير دولة الكويت    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    جمعية «الأسر المنتجة» بجازان تختتم دورة «تصوير الأعراس والمناسبات»    رئيس «اتزان»: 16 جهة مشاركة في ملتقى "التنشئة التربوية بين الواقع والمأمول" في جازان    وزير الشؤون الإسلامية: ميزانية المملكة تعكس حجم نجاحات الإصلاحات الإقتصادية التي نفذتها القيادة الرشيدة    زيارة رسمية لتعزيز التعاون بين رئاسة الإفتاء وتعليم منطقة عسير    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    سموتريتش يدعو مجدداً إلى تهجير نصف سكان غزة    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    الخريف يبحث تعزيز التعاون المشترك في قطاعي الصناعة والتعدين مع تونس وطاجيكستان    نائب وزير الدفاع يرأس وفد المملكة في اجتماع الدورة ال 21 لمجلس الدفاع المشترك لوزراء الدفاع بدول مجلس التعاون    نوف بنت عبدالرحمن: "طموحنا كجبل طويق".. وسنأخذ المعاقين للقمة    مسؤول إسرائيلي: سنقبل ب«هدنة» في لبنان وليس إنهاء الحرب    السجن والغرامة ل 6 مواطنين.. استخدموا وروجوا أوراقاً نقدية مقلدة    هيئة الموسيقى تنظّم أسبوع الرياض الموسيقي لأول مرة في السعودية    الصحة الفلسطينية : الاحتلال يرتكب 7160 مجزرة بحق العائلات في غزة    الجدعان ل"الرياض":40% من "التوائم الملتصقة" يشتركون في الجهاز الهضمي    ترمب يستعد لإبعاد «المتحولين جنسيا» عن الجيش    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    تحدي NASA بجوائز 3 ملايين دولار    حرفية سعودية    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    حكايات تُروى لإرث يبقى    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    ألوان الطيف    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    خسارة الهلال وانتعاش الدوري    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رشا ونفح الطيب - 4 -
نشر في البلاد يوم 15 - 06 - 2009

ومع منتصف الليل، واكتمال البدر، واعتدال الطقس، وأريج الزهور والورود، رصت الكراسي أمام منصة خشبية تقارب أبعادها أربعة في ستة أمتار، صعد عليها طاقم الموسيقى والرقص: عازفان على الغيتار، عازفان على الطبلة، مغنٍّ، اتخذ والد رشا كرسيه بجانب المغني ليشارك في صفقات الإيقاع،واختار لنا مضيفنا الصف الأول أمام المسرح، وكانت رشا على جانبي الأيمن ووالدتها على جانبي الأيسر ليترجما لي ما تقوله الأغاني التي تلقى بأسبانية الغجر. وبدأ العرض بعزف بديع على الغيتار لمقطع من مقطوعة أرانخويث، وهذا النوع من الأداء أخذ عزه واشتهر في عصر المدجنين، وتقريبا في القرن الثالث عشر، حيث عم الظلم والاضطهاد لذوي الأصول العربية ولمن تنصر من المسلمين ويشك في صحة تنصرهم، فكان هذا الشكل من الغناء يؤديه من جار عليهم الزمن وامتهنوا الخدمة والفلاحة في قصور الأسياد الجدد، يقومون به وهم محتفظين بسمة العزة والإباء ليقدموا شكواهما، ويجبروا سيد القصر على سماع ما لديهم بغنائهم الجهوري وبضربات غيتارهم ووقع أقدامهم على الأرض.
ومع اقتراب الساعة من الثالثة صباحا انفض الحفل وغادر الزوار وأخذ كل منا غرفته لأخذ قسط من النوم، فالفجر على الأبواب، والمزرعة تغري من فيها بالإبكار لتناول الفطور ومن ثم التجول داخل المدينة القديمة وزيارة المسجد الكبير، ومن بعد تناول وجبة الغداء في مطعم مشهور بجودة أسماكه على ضفاف نهر تاجه.
وكان لنا ذلك كله، وسعدت بزيارة المسجد الكبير. لاحظت والدة رشا ما انتابني من رهبة عند عبور بوابة المسجد ومن ألم وأنا أطالع الكنائس الثلاث التي حشرت حشرا داخله، فكانت مواساتها لي بقولها أن ما تراه هو من الأمور المؤسفة والغير مقبولة على الإطلاق، إنه اعتداء على بيوت الله وعلى الحضارة وعلى الإبداع.وكان لنا حديث مع مضيفنا ومن شاركنا وجبة الغداء تناولنا فيه ماضي هذه المدينة، حيث اهتم الأمويون في بناء قرطبة وجذب السكان لها فبلغ عددهم حسب تقدير بعض المؤرخين المليوني نسمة، وشيد لهم ما يزيد عن ألف وستمائة مسجد من اشهرها المسجد الجامع الذي لم يكن له نظير في المدن الإسلامية،وتجاوز عدد حماماتها الستمائة، وفيها مائتا ألف دار، وثمانون ألف قصر، منها قصر دمشق الذي شيده الأمويون ليحاكوا به قصورهم في بلاد الشام،، كانت شوارعها مبلطة، وترفع قماماتها، وتنار شوارعها ليلاً بالمصابيح، ويستضئ الناس بسروجها ثلاثة فراسخ لا ينقطع عنهم الضوء، وسألتني رشا عما يعنيه الفرسخ فأجبتها بأنه مقياس للطول والفرسخ الواحد يعادل ثلاثة أميال إنجليزية أي حوالي الخمسة كيلومترات، فصدرت عنها شهقة تعجب أتبعتها بالقول أن الطرق المضاءة وقتها كانت تقارب الخمسة عشرة كيلو مترا، شيء رائع، والتفتت إلى الأستاذة كارمن لتسمع منها وصف الشعراء الأقدمين لقرطبتهم، فأنشدتها قول أحدهم:
بأربع فاقت الأمصار قرطبة/منهن قنطرة الوادي وجامعها
هاتان ثنتان والزهراء ثالثة/والعلم أعظم شيء وهو رابعها.
وقول آخر:
وليس في غيرها بالعيش منتفع
ولا تقوم بحق الأنس صهباء
وكيف لا يذهب الأبصار رونقها
وكل روض بها في الوشى صنعاء
أنهارها فضة، والمسك تربتها
والخز روضتها والدر حصباء
وللهواء بها لطف يرق به
من لا يرق وتبدو منه أهواء
وتضيف الأستاذة كارمن القول بأن قرطبي ذاك العصر تفننوا في أنواع الطعام و الغناء و الطرب، وجل الفضل في ذلك يعود للموسيقي العربي زرياب الذي أدخل العود إلى الأندلس ونشر موسيقى المشرق ولحن أجمل القصائد لتغنيها أعذب الأصوات فتضيف لجمال الطبيعية متعة العيش في قرطبة بعد أن أمتعهم بابتكاراته في عالم الطعام و اللباس، فلكل فصل نوع من الطعام و اللباس، ولكل مجلس آداب و تقاليد، و لكل حفلة طرب غناء بمختلف الإلحان، ولا يزال للحديث بقية بعون الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.