تأخر خطاب أوباما أو الخطاب الأمريكي للعرب والمسلمين ثلاثين عاما على الأقل، إذ كان هذا الخطاب السياسي أنسب ما يكون عام 1979 الذي دعت فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى اتفاقية "كامب ديفيد" أو ما عرف باتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل ووقعها كل من الرئيس السادات ومناحم بيجين برعاية الرئيس كارتر. كان هذا التاريخ في منتصف المسافة بين عام النكبة 1949 والعام الحالي 2009 فكانت الثلاثون عاما في المنتصف بين النكبة والوعد أو الإشارة أو حتى التلميح بتغيير إيجابي في السياسة الأمريكية تجاه العرب والمسلمين التي اتسمت في ظل حكم البوشين الأول والثاني بعداء سافر تجسد بعد أحداث سبتمبر الغامضة عام2001 . إذ بعد كارتر وريجان وبوش الأول وكلينتون وبوش الثاني وصولاً إلى أوباما أراد الأخير أن يغير الصورة الشائهة للإدارة الأمريكية تجاه العرب والمسلمين، هذا على اعتبار أن زيارة أوباما لمصر قد تمت والخطاب ألقي على اعتبار أن هذا الموضوع كتب قبل موعد الخطاب بأسبوع. السلام كان حلاً جزئياً بعد توقيع اتفاقية الصلح المنفرد مع إسرائيل أصبحت مصر خارج دائرة الصراع العربي بثقلها ووزنها السياسي والعسكري والجغرافي، من هنا أصبح حل المشكلة الفلسطينية كوطن والعربية كأمة والإسلامية من حيث المقدسات أصبح الحل عصيا. فقد اطمأنت إسرائيل تمام الاطمئنان إلى خروج أكبر قوة في المنطقة من دائرة الصراع وأصبح ظهرها مؤمنا من ناحية مصر لدرجة أن موقف مصر من العدوان على غزة اعتبره البعض انحيازا لصالح إسرائيل ضد أهل غزة المحاصرين. ولو ان أمريكا - كارتر كانت صادقة النية في صلح شامل لتأنت حتى لا يوضع السادات قائد حرب أكتوبر موضع الخائن لأمته كما يزعم بعض الأقلام والأبواق، ولحرصت أمريكا ذاتها على جمع كلمة العرب وحشدها تجاه صلح شامل وعادل يعيد الحقوق كافة إلى أصحابها، ولكن تأثير اللوبي الصهيوني واضح وضوح الشمس على القرار الأمريكي. لهذا كان نجاح أوباما في تغيير الصورة عن الإدارة الأمريكية لدى العالمين العربي والإسلامي، فالإرث الأسود ثقيل وعصابة المحافظين الجدد قطعت كل الحبال بين العرب كأمة وبين الإدارة الأمريكية.. ولعله ينجح إذ ان مساحة النجاح تتعلق بالشعوب لا بالحكومات، فالشعوب العربية ليس بينها وبين الولاياتالمتحدةالأمريكية عداء، إنما الموقف هو من الإدارة التي تكيل بمكيالين، وتؤيد إسرائيل بلا حدود على حساب المصالح العربية. من يرسم خريطة المنطقة؟ تفتقت قريحة المحافظين الجدد عن رسم خريطة للشرق الأوسط الجديد لادماج إسرائيل مع العرب قبل انسحابها من الأراضي المحتلة، وتأرجحت القضية الفلسطينية بين دولتين، وسلام مقابل الأرض، وسلام مقابل الأمن ثم جاءت الحكومة المتطرفة الحالية لكي توهم العرب بأنها أقرب إليهم من إيران! وخريطة المنطقة لا يرسمها إلا أبناء المنطقة من حيث: - حدود التعامل مع دول الجوار وخاصة تركيا وإيران. - علاقاتها مع قوى واعدة مثل الصين. - عدم القبول بإسرائيل إلا في حدود ونطاق الشرعية الدولية عام 1948 واحترام قرارات الأممالمتحدة كافة. - جلاء إسرائيل عن المسجد الأقصى. - تحديد نوع العلاقات العسكرية وقواعد الغرب العسكرية في المنطقة. - الثروات العربية والتحكم فيها وعدم تركها لبعث الآخرين. هذا هو دور العرب في تحقيق نظرة واحدة للمنطقة حاضرا ومستقبلا، وأما دور أمريكا فهو احترام إرادة العرب. عن أخبار الخليج