حل الدولتين... الدولة اليهودية وفلسطينيو 48 والدولة الفلسطينية والمستوطنات اليهودية وعودة اللاجئين الفلسطينيين.. هذه بعض عناصر الجدل الدائر حاليا حول فلسطين وهو جدل يعيدنا وفي «ذكرى النكبة» بالذات الى ما قبل نصف قرن غداة صدور قرار التقسيم.. وخلال نصف قرن تغيّرت أشياء كثيرة في فلسطين والعالم العربي وفي العالم وفي ما يخص القضيّة الفلسطينية يبدو أننا نعود الى قضايا نهاية أربعينات القرن الماضي... فهل هي عودة مبرمجة أم أن الشبه بين البارحة واليوم.. مجرد حادث عفوي؟ وفي عالم عقلاني وعملي لا يترك السياسيون عادة مكانا للصدفة بما أن البرمجة على المدى الطويل تشكل أساس السياسة والاقتصاد الحديثين.. والذين قسّموا فلسطين لابدّ أنهم برمجوا هذه العودة «الشكلية» الى مسألة الدولتين... ثم ان بريطانيا «الزعيمة» السابقة للعالم ليست غريبة ولا هي بالبعيدة عن أمريكا الزعيمة الجديدة. ويتزامن الجدل حول «حل الدولتين» هذه الأيام مع ذكرى النكبة إذن... وتطرح القضايا الرئيسية والفرعية قبل تحوّل عدد من قادة المنطقة الى واشنطن حيث يوجه رئيس وزراء بريطانيا السابق طوني بلير الذي دافع أمام الكونغرس عن «حل الدولتين»... ويجري قسم هام من الجدل عبر وسائل الإعلام بعد تأكيد رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو على مسألة «يهودية»اسرائيل. ويرى عدد هام من السياسيين الفلسطينيين ان «يهودية اسرائيل» تتضمن إعلانا خفيا لمشروع «طرد» فلسطينيي 48 اي طرد الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين الحاملين حاليا للجنسية الاسرائيلية... وقد كرّس تصريح نتانياهو والردود العربية عليه «فتحا» رسميا لجدل متقاطع حول حل الدولتين الذي يتكون كمسألة من عدة قضايا فرعية مثل مصير فلسطينيي 48 ومصير المستوطنين اليهود وعودة اللاجئين الفلسطينيين والقدس.. ويدرك الجميع ان هذا الجدل عاد بالفعل الى ما كان يسمى بقضايا «الحل النهائي» في المفاوضات التي جرت في السابق والتي انتهت الى الفشل الرسمي (بالرغم من تأكيد مصادر متطابقة احتمال وجود اتفاقات سرية). وعلى مدى خمسين عاما تشعبت القضايا واحتلت اسرائيل «الكثير» من الأراضي العربية وتوسعت البؤر الاستيطانية فيما أكد الفلسطينيون تمسكهم بحق عودة اللاجئين ورفضهم أي مشروع لتوطينهم في البلدان (العربية) التي استقبلتهم.. ورغم التشعبات الكثيرة بيدو ان السؤال الذي واجهه العرب قبل اكثر من نصف قرن لم يتغيّر... ويخص هذا السؤال حل الدولتين في فلسطين.. وقبل خمسين سنة كان العرب منقسمين (بالطول والعرض) والوضع لم يتغيّر كثيرا حتى بوجود مبادرة السلام العربية لأن الكرة الآن عند نتانياهو... لكن ماذا يعني حل الدولتين ووجود دولتين اسرائيلية وفلسطينية في حالة سلام كامل و»تشابك» اقتصادي شامل ولماذا وكيف وأين ومتى...؟؟ وسلسلة أخرى من الاسئلة التي لا تجد الآن أي إجابة سواء دخلنا القضية من باب الدولتين... أو من باب الدولة الفلسطينية... لكن حل الدولتين قد يكون خطوة نحو حل الدولة الواحدة... ونحو حل القضية.. وللجدل القديم الجديد... بقية. الشروق التونسية