نحن لانستطيع ان نحيا دون ان تساءل عما تخفي الطبيعة البشرية من معان .. فالبعض يبتعد عن التفكير السليم لمجريات الأمور.. والبعض يعمل بعقله قبل قلبه .. ويغوص في أعماق الآخرين ليتفهم حقيقة الحياة الإنسانية .. وهو بذلك يحدد غاية مصير جهده .. والفكر هنا نتيجة طبيعية ، بيد انه محكوم بمجموعة عوامل تحد من نشاطه فتحوله إلى أقل جدية مما كان يتوقع . ورغم أن جذور الإنسان تظل متأصلة بأرضه، وبظروف حياته البشرية فهناك الفرد العاقل.. وهناك أيضا المخادع ، والمرائي ، والمحتال ، وصاحب الازدواجية..والتاريخ البشري منذ بدايته كشف لنا تلك النوعيات من خلال أعمالهم وأساليبهم التي اتخذت صورا شتى في سبيل تغيير مجريات الأمور..ومنا من يملك المقدرة على التكيف مع ماقد يستجد .. ولكن ليس كل من يملك القدرة الابداعية في ان يضيف شيئا جديدا الى ما يتصف به وعليه فكل سلوك ينطوي على ذكاء أو حسن تصرف لا يعني مطلقا الانفصال عن الواقع الذي يعيشه الانسان بعقله .. ولكن هو إعادة تنظيمية لمجرى الحياة والسلوك على نحو قياس المواقف باتزان وتأمل .والذكاء هنا، ماهو إلا مظهر من مظاهر القدرة على التصرف ومواجهة المواقف باتباع أقصر الطرق بتفنن الإبداع التخيلي..وبجانب ذلك فإن مشكلة أي منا تختلف من فرد لآخر .. كونها معادلة عقلية لاتباين في حلولها ووسائل تذليلها .. لأن الجانب الواقعي الإنساني قد يضطر أن يخلع على الأحداث دلالات ومعاني من صميم النوايا الذاتية.. ولعمر الحق .. فالإيمان: هوالنور الأسمى الذي يهتدي به كل مؤمن بعقدته نحو السمو والفضيلة .. مبتعداً عن الوسائل المفتعلة التي ابتدعها ، وألبسها ثوبا غير ثوبه الإنساني .. فالعودة للأخلاق إنما هو ارتقاء بالقيم البشرية .. حيث لم يعد أي منها يحيا اليوم في ظل ما يقوم به فقط .. بل أصبحنا نحيا حياة اجتماعية تزخر بالقوى العلمية اللامتناهية .. ولعمري فإن الإنسان الذي يسعى من خلال نظرته الواقعية للأمور بمنظار مبادئه السامية .. وقيمة الفكرية والأخلاقية.. ص.ب 52986 جدة 21573