ليس من شك في أن النجاح الذي حققته القمة العربية العادية مؤخراً في الدوحة إنما يعود للبذرة الطيبة التي بذرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قمة الكويت الذي بادر وناشد ِأشقاءه الملوك والأمراء والقادة العرب بالارتفاع والسمو على خلافاتهم باسم الله ثم باسم شهداء غزة الذين سقطوا في العدوان الاسرائيلي الهمجي في مطلع العام الحالي. فقد أكدت القمة على التزام دول الجامعة العربية بالتضامن العربي وتمسكها بالقيم والتقاليد العربية النبيلة وصون سلامة الدول العربية كافة واحترام سيادتها وحقها المشروع في الدفاع عن استقلالها الوطني ومواردها وقدراتها ومراعاة نظمها السياسية وفقاً لدساتيرها وقوانينها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وما تضمنته بنود بيان الدوحة من تأكيده على دعم صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وادانته الحازمة للعدوان الاسرائيلي الهمجي على قطاع غزة والمطالبة بوقف هذه الاعتداءات وتثبيت وقف اطلاق النار ورفع الحصار الجائر وتحميل إسرائيل المسؤولية القانونية والمادية عما ارتكبته من جرائم حرب وانتهاكات للقانون الدولي والمطالبة بملاحقة المسؤولين عن تلك الجرائم واحالتهم إلى المحاكم الدولية ودعم الجهود العربية لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني. ولعل الموقف الجماعي الذي اتخذه القادة العرب بالتضامن مع السودان ورفضهم لقرار الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية بشأن فخامة الرئيس عمر حسن البشير ودعمهم للسودان الشقيق في كل ما يستهدف النيل من سيادته وأمنه واستقراره ووحدة أراضيه.. هذا الموقف بالذات كان لافتاً وسيكسب العرب احتراماً ليس في عيون الغرب فقط بل والعالم أجمع. إن البذرة الطيبة التي بذرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله في قمة الكويت بدأت تثمر وبصورة أسرع مما توقعنا في توحيد الصف العربي في ظل التكتلات العالمية التي لا تحترم إلا الأقوياء والعرب بتضامنهم ووقوفهم صفاً واحداً كالبنيان المرصوص يمثلون القوة بعينها لاسيما وأنهم يملكون ثروات نفطية هائلة تمكنهم من لعب دور فاعل على الساحة العالمية. إن التاريخ سيكتب ولاشك بمداد من ذهب هذا الصنيع الطيب والرائد من صقر العروبة من أجل حاضر العرب ومستقبلهم.