عامر نهض من نومهن مختلط المزاج فقال: تسألني يا صاحبي عن السفر والضوء وحكايات المساء، وأنا الآن مشغول بالعصافير واحتمالات المواسم، تفزعني أنباء الزنابق الطازجة تحت أمطار اللهب فلا تمر لحظة إلا ويتكسر في قلبي الزجاج، ويتطاير غبار الصحراء في حلقي! لا بأس أحاول أن اتذكر، سافرت للمرة الأولى وفي دمي رائحة الخوف، وأعاصير الشباب يومها، حذروني من المدن المراوغة وطيور الليل وعلموني كيف أبدأ الحديث عن الجو، وفظاعة الشرق! والإفلات من تفاصيل الأشياء الخطرة! ودخلت الدراسة وأغلقت أبوابي وبدأت أحدث الكتب حتى عرفت أسرار الناس وبدأت لعبة الحياة.. شرعت نوافذي للطيور الأليفة والأسماك الملونة والهواء والشمس المحرقة. كان المساء يرتعش تحت خيوط المطر، وحين كشفت غطاء السرير فوجئت بطائري الجميل يتغلغل في طوايا الدفء والبراءة. أخذته بين كفي فسرى نبضه الحار في جسدي وتسلق على أصابعي كالحرير، ومنذ تلك اللحظة اكتشفت سر احتفاء هذه المدن بالطيور الصغيرة، إنها العزاء الوحيد في عالم يطارد السراب! صبا وجمعية الإيمان! استمعت بطريق الصدفة إلى حديث إذاعي من محطة الإن بي سي) مع الأخت صبا من قسم السيدات من جمعية الإيمان الخيرية بجدة، وقد سرني وسر الكثير من المستمعين حتماً ما تقوم به هذه الفاضلة وأخواتها من جهود إنسانية مميزة من أجل الطفولة المعذبة ومن أجل هؤلاء الأطفال ممن أصيبوا بأمراض خطرة والعمل على إدخال السرور على قلوبهم قدر المستطاع أثناء فترة المرض وبعد الشفاء أو قبل أن يختار الله سبحانه وتعالى لهم ما يشاء، والحقيقة أن هذه الفكرة كما علمت انها موجودة في المنطقة الغربية فقط.. فلماذا لا نعمل على تعميمها في جميع مناطق المملكة من خلال الجمعيات الخيرية واللجان الأهلية وكذلك لجان أصدقاء المرضى ولا ننسى شكر هذه الشابة التي لم تجذبها مباهج الحياة عن هذا النوع من العمل الإنساني التطوعي الموجه إلى أحباب الله الأطفال الذين يستحقون منا مثل هذا الاهتمام وأكثر وكذلك بقية زميلات صبا وجمعية الإيمان التي فتحت قلبها للجميع.