رسالة تلقيتها من قارئة كريمة تستغرب فيها وترثي قيمنا الإجتماعية المفقودة وتغير النمط السلوكي الإجتماعي لدى الأفراد والجماعات وتشرح القارئة الكريمة في رسالتها أنها وأسرتها كانوا يسكنون في أحد الأحياء القديمة وبناءً على إلحاح الأبناء الدائم تم التخلص من البيت القديم بالبيع وشراء فيلا مستقلة في أحد الأحياء الجديدة وعلى مدى عام كامل لم تفلح هذه السيدة في إنشاء أي صداقة أو تعارف مع أي من جاراتها في الحي الجديد وكل من يزورهم هم من الأقارب المقربين جدا ومن جاراتها القريبات من سكنها السابق بين آونة وأخرى وفي فترات متباعدة وتقول أنها تشعر بالإغتراب النفسي. وأحيانا بالإكتئاب وتترحم على الأيام الخوالي وشاي الضحى بين الجارات أثناء الإجازات وتبادل الأطباق في رمضان والمشاركات الوجدانية بين الجارات في السراء والضراء تلك الأيام التي لايمكن لها أن تعود إلى سيرتها الأولى وأنا بدوري أضم صوتي إلى صوتها وأسأل متى يمكن لهذه القيم والعادات أن تعود وقد يقول قائل إن ظروف الحياة والمشاغل والسعي وراء لقمة العيش هي التي أدت إلى إندثار مثل هذه العادات والواجبات الإجتماعية ولكني أجيب لماذا لايحصل هذا إلا في مجتمعنا السعودي ومن خلال سفرياتي المتعددة إلى بعض الدول المجاورة لم ألحظ هذا التغيير حتى في المجمعات السكنية الحديثة وفي المدن المزدحمة وهم لايعيشون نفس الظروف المعيشية وبحبوحة العيش التي نعيشها نحن ولله الحمد ولقد رأيت عن قرب تجربة مماثلة في مدينة دمشق الفيحاء أود أن أنقلها من خلال هذه المقالة فعند إنتقالهم من الأحياء القديمة إلى مساكن ملائمة في الأحياء الراقية فإنهم يتفقون وعلى مستوى الحي على الانتقال الجماعي إلى بعض المشروعات الإسكانية والتي يسمونها الجمعيات السكنية بحيث يسكن مجموعة من الجيران في الحي السابق في أكثر من بناية وبهذا يقضون على الإغتراب الذي تشعر به الأخت القارئة فمدينة جدة شهدت تحولا كبيرة في هجرة أبنائها إلى جهات متعددة في أرجائها وأستأثر شمالها بأكثر السكان فكان فعلا (موسم الهجرة إلى الشمال) على رأي الأديب السوداني الراحل الطيب صالح رحمه الله ولكن للأسف كان الانتقال عشوائيا فالإبن يبعد عن أبيه والأخ عن أخيه والجار عن جاره بعشرات الكيلو مترات مما أحدث فجوة في الترابط الأسري بين الأسرة الواحدة فما بالك بالجيران وبما أن مدينة جدة مقبلة على حركة تطوير عمراني يتمثل في إزالة العشوائيات وتشتت الأسر من هذه الأحياء العشوائية الى مساكن أكثر تطورا فإنني أقترح على إدارات مجالس الأحياء الإحتياط لهذا الأمر وبث روح الوعي بين السكان للإنتقال المنظم المدروس بحيث يتم إنتقال أبناء الحي الواحد أو الشارع الواحد إلى مساكن متجاورة يحقق الإنسجام والأمن الإجتماعي ويزرع روح التعاون والحب بين كافة الجيران أتمنى مخلصا أن يتم التجاوب مع هذا المطلب إذا حسنت النوايا. وقفة تزوج الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه من أعرابية فأسكنها قصرا فخما فشعرت بالملل والسأم وعدم الارتياح لقلة زوارها فأنشدت تقول: لبيت تعصف الرياح فيه أحب إلي من قصر منيف ولبس عباءة وتقر عيني أحب إلي من لبس الشفوف [email protected]