التقطت عدسة كاميرا لإحدى وكالات الأنباء العالمية صورة لعدد من المسؤولين العراقيين وهم يضحكون أمام نصب تذكاري لحذاء الصحفي منتظر الزيدي في مدينة تكريت (مسقط رأس العراقي صدام حسين) وكانت وجوههم تنضح بالضحك في أعقاب تدشين الحذاء الشهيرة التي رشقها الزيدي في وجه الرئيس الأمريكي الآفل " بوش " خلال مؤتمر صحفي في مدينة بغداد .. واللافت للانتباه الضحك غير المبرر إذ إن الضحك في مثل هذه الحالة أشبه بالبكاء بل أشد إيلاما .. لعدة اعتبارات أولها أن الصحفي الزيدي لم يسلم من تحطيم أضلاع صدره وذراعه فضلاً عن سنوات السجن التي تنتظره ، ثانياً أن الجيش الأمريكي مازال يعربد على امتداد رقعة دولة العراق قتلاً وترويعاً واستبداداً .ثالثا تشير بعض الدراسات التي أعدها باحثون أمريكيون وعراقيون بإشراف بلو مبرغ للصحة العامة في جامعة جونز هوبكينز بولاية ميرلاند . إن الاحتلال الأمريكي للعراق أسفر منذ شهر 2003م حتى الآن ما يزيد عن مليون قتيل نسبة 3% من سكان العراق . كما إن معدل الوفيات الناجمة بطبيعة الحال عن أعمال العنف في العراق إلى 12 وفاة لكل ألف شخص غير التهجير الإجباري والتشتيت إلى بلدان العالم. وفي بغداد وحدها فقدت 40% من الأسر أحد ذويها، كما أن نسبة 40% من القتلى أصيبوا بالرصاص الأمريكي ونسبة 21% ماتوا بسبب سيارات مفخخة و8% قتلوا في غارات جوية ونسبة 4% أودوا بسبب صدامات طائفية بينما أودت نسبة 4% بسبب حوادث. وتقوم القوات الأمريكية ب5000 دورية يوميا ويقدر من يقتل من العراقيين بحدود 300 يوميا أي ما يناهز 10 آلاف قتيل شهريا. ومع الأسف إن بعض مسؤولي العراق وقفوا أمام نصب الحذاء وكأنهم يتشفون في الوقت الضائع ، والمتفحص لما وراء الخبر يستشف أنهم يودون إغاظة بوش الذي ( لم يعد له في السوق مسوق ) كما يقول المثل الشعبي ، أو أنهم يسعون لبط كبده كما يقول العراقيون أنفسهم .. وهؤلاء الذين تسمروا أمام الكاميرا من أجل نقل صورة ضحكة باهتة لا يستطيعون أن يذهبوا إلى بيوتهم دون المرور على نقاط تفتيش مكثف لقوات عسكرية أمريكية .. لو أنهم نصبوا مجسما يعطي دلالة لمفاهيم الحرية الحقيقية للشعوب لكان أصلح لهم من أجل لفت انتباه الرئيس الأمريكي الجديد أوباما ليعجل في تنفيذ القرار الذي أعلن عنه لوكالات الأنباء العالمية في عشية استلام مهام منصبه بالبيت الأبيض باستبعاد القوات الأمريكية الرابضة في أرض العراق .. هنا يمكن تحقيق شيء ذي قيمة بدلاً من التباهي بانتصار مزعوم ووهم زائف .. أكثر ما يؤلم صورة ذلك الطفل الواقف في وسط حشد المسؤولين وهو يحاكيهم بالضحك البريء ليغرسوا في ذهنه الأبيض وأمثاله من الأطفال الأبرياء على مساحة الوطن العربي أن المستعمر سوف يخرج برشقة حذاء .. الذي أتوقعه من هؤلاء المسؤولين السعي حثيثاً لتغيير مسميات شوارع مدن العراق بما فيها مدينة بغداد إلى مسميات جديدة يكون الحذاء هو السيد أو الزعيم .. مثلاً شارع الحذاء الأحمر للزيدي .. أو الحذاء الأسود.. لتتشظى كافة الألوان ليصبح هناك موفور لأسماء الشوارع بألوان الطيف وغير الطيف. والأنكى أن يصافح عينيك مطعم حذاء الزيدي أو حلاق حذاء الزيدي أو حتى بنشر حذاء الزيدي .. أيها الحذاء العجيب شكراً لك فقد ألهبت قرائح الشعراء وحناجر الفنانين وإبداعات الكتاب .. وريشات الرسامين ..وحققت انتصاراً غير مسبوق لبني يعرب .. يفتخر التاريخ بتسجيل تلك الموقعة الحذائية في صفحاته المشرقة بلون حذاء الزيدي .