إذا صح الخبر الذي نشرته بعض الصحف والمواقع الاليكترونية وأشار الي رفض المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية"لويس مورينو أوكامبو"نظر المحكمة في جرائم الاحتلال الاسرائيلي في مجزرة"غزة،"التي انتهت باستشهاد"1330"فلسطينيا بينهم"400"طفل وجرح أكثر من"5300"آخرين،كثيرين منهم أصبحوا من المعاقين،وينتظر بعضهم الموت بزعم عدم اختصاص المحكمة بذلك،إذا صح هذا،فنحن لسنا فحسب أمام معضلة حقيقية تضرب في العمق مصداقية المحكمة،وفي مدى أهليتها لمواصلة عملها وتثبت الشكوك التي أحاطت بشخص المدعي العام"أوكامبو"بشأن عدم حياديته،بل نحن أيضاً أمام تزوير فاضح للحقائق، والنظر في جرائم اسرائيل في غزة بل في كل الأراضي الفلسطينية هو من صميم اختصاص المحكمة الجنائية الدولية،إذ ينص نظام روما الأساسيالذي تم بموجبه انشاؤها فييوليو عام1998،على اختصاص المحكمة بالنظر في جريمة الابادة الجماعية،والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان وقد وصفت منظمةالعفو الدولية وعدد من المنظمات الحقوقية الأوروبية والأمريكية استخدام اسرائيل لذخائر الفسفور الأبيض في قطاع غزة باعتباره جريمة حرب،تتعارض مع القانون الدولي والانساني،ولايصلح مبررا لعدم نظر تلك الجرائم أمام المحكمة في هذه الحالة القول بأن اسرائيل لم تصدق علي معاهدة روما،لأن المعاهدة تنص في بنودها على أنه يجوز لدولة من بين الدول106الموقعة عليها أن تطلب من المدعي العام للمحكمة أن يبحث حالة في دولة ليست طرفا في المعاهدة، هذا فضلا عن حق هذه الدول الأطراف في المعاهدة احالة أي من الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة،الي المدعي العام، كما هي تمنح المدعي العام للمحكمة الحق في مباشرة التحقيق من تلقاء نفسه علي أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة. كما لا يصلح تبريرا للنكوص علي القيام بتلك المهمة،القول بأن الحكومة الاسرائيلية، تعهدت بتوفير الحماية القانونية للجنود والقادة الذين شاركوا في الحرب علي غزة وقيام الرقابة العسكرية بطمس صور القادة العسكريين التي نشرت في الصحف المحلية والأجنبية لأن السوابق التي أخذت بها المحكمة الجنائية الدولية والمدعي العام يمكن القياس عليها. لقد أصدر »أوكامبو« في يوليو الماضي مذكرة باعتقال الرئيس السوداني »عمر البشير« بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور، ولأن الرئيس البشير هو أعلي سلطة في البلاد، ولأنه لم يكن يقود بنفسه المعارك في دارفور فان قرار المحكمة جاء استنادا الي أنه المسئول السياسي عن قرار الحرب وبناء عليه يصبح رئيس الوزراء الاسرائيلي "أولمرت" ووزيرة الخارجية "ليفني" ووزير الدفاع "باراك" هم المسؤولون عن جرائم الحرب في غزة. لقد بلغ من همة "لويس أوكامبو" في قضية دارفور، بعد رفض الخرطوم تسليم اثنين من مسؤوليها للمثول أمام المحكمة ان خطط قبل شهور لخطف واحد منهم هو الوزير أحمد هارون من على متن طائرة كان مقررا أن تتجه به الى السعودية لأداء فريضة الحج لكنه عدل عن ذلك بعد أن علم بهذا المخطط الذي اعترف "أوكامبو" بأنه كان على وشك تنفيذه مع عدد من الدول لم يحددها!. ولأن الأطراف التي يحق لها دون غيرها رفع الدعوى بجرائم اسرائيل في غزة أمام المحكمة الجنائية هي الدولة المعنية بالاعتداء وهي في هذه الحالة السلطة الوطنية الفلسطينية، أومجلس الأمن الدولي أو المدعي العام للمحكمة الجنائية وفي ظل الانقسام الفلسطيني الذي أصبح فيه للفلسطينيين حكومتان وليس لهم وطن وفي ظل الفيتو الأمريكي الذي أصبح منذ الحرب العالمية الثانية يسيطر على القرار الدولي ويتحكم في توجيهه فالأمل الوحيد الآن هو أن يتحرك المدعي العام للمحكمة من تلقاء نفسه وبناء علي المعلومات التي ساقتها المنظمات الحقوقية الدولية لجرجرة قادة إسرائيل للمحاكمة بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية اذا كان حقا يتحلى بمسؤولية مبدئية أخلاقية وانسانية تحترم ميثاق المنظمة التي يرأسها واذا كان حريصا على فرض مصداقيتها الدولية ولكن لا نقول له كما وصف الحكومة السودانية بأنه يحمي المجرمين بدلا من الضحايا. عن الوفد المصرية