حقيقة "مخجلة" ، وأقل مايمكن أن يقال عنها هو أنها "مخجلة" ، وربما هناك أوصاف أدق وأصدق لها ربما أوضحها فيما بعد. أمّا هذه الحقيقة المخجلة وبالأحرى "الوصمة" في جبيننا "كمواطنين" يُفترض أن نتمتع "جميعنا" بالمساواة والاحترام في مجتمع "نفتخر" بعدالته ومثاليته فهي المعاملة "المشينة" المليئة "بالاحتقار" و "الازدراء" "لجميع" فئة الشباب من أبنائنا "الرجال" والذين هم "مستقبل" وطننا ، والذين"لايقوم" أيّ مجتمع ولا "ينهض" أيّ وطن دون الاعتماد عليهم ومنحهم الثقة والاحترام اللذيْن يستحقونهما. ولمن "قد يستغرب" هذه المقدمة فليذهب إلى بعض "المولز" أو "الشابنق سنترز" مثل ال "ردسي مول" بجدة مثلاً والذي "يمنع" "الشباب" من دخوله بمفردهم ، وأشد من ذلك "يخرجهم" حتى لو دخلوا مع أهاليهم ، وذلك دون أن يقوم هؤلاء الشباب بأيّ تصرف مخلّ بالآداب أو التعرض أو التحرش بأي امرأة بأي شكل من الأشكال ، وكل "الجريمة" التي ارتكبوها في نظر مايسمى مجازاً "سكيوريتي" أو "رجال أمن السوق" هي أنهم "شباب" !! ونحن نعرف ونعترف بأن هناك شباباً قليلي الأدب والتربية بل وقليلي الدين إن جاز التعبير . ولكنهم وبكل تأكيد وألف ألف تأكيد ليسوا "كل الشباب" . "ومن هنا تأتي المشكلة الخطيرة" التي يواجهها مجتمعنا ، وعلينا كمسئولين وكمواطنين التصدّي لها بحزم من ناحية ، وبالمنطق ومراعاة حقوق الانسان المواطن والمقيم من ناحية أخرى . والحقيقة أن مشكلة "معاكسة" بعض الشباب للنساء والبنات سواء في الأسواق أو خلافها مشكلة واجهتها وتواجهها أغلب المجتمعات وخاصة في دول العالم الثالث ، بمعنى أنه حتى بعض المجتمعات المتحضرة لاتخلو منها كليةً وإن كان بدرجات أقل كثيراً ، ولكن لم يحدث "إطلاقا" أن لجأ أيّ مجتمع من "جميع" هذه المجتمعات بما فيها "الاسلامية والعربية والخليجية" إلى ممارسة "التمييز" الذي تمارسه بعض هذه الأسواق وذلك "بمنع" فئة من "أهم" و"أكبر" فئات المجتمع من دخولها ، وكأن "جميع المسلمين وغيرهم" على ضلال وهم على صواب! بل وأزيد على ذلك وأذكّر ، والذكرى تنفع المؤمنين ، أنه لم يحدث حتى في عهد أشرف الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام وهو أحرص الناس على "القيم" و"الشرف" و"مكارم الأخلاق" ، ولا في عهد صحابته الأبرار الذين كانوا أشد الناس حرصاً على السير على نهجه ولا في عهود التابعين الكرام ، لم يحدث "بتاتاً" أن منعوا الرجال شباباً أوكباراً والنساء شابات أو كباراً من دخول الاسواق، ولكنها "بدعة"!! والحل "المنطقي" بل و"البديهي" الذي لجأ وتلجأ إليه المجتمعات التي عانت وتعاني من هذه المشكلة هو "تدريب" وأركّز على كلمة "تدريب" ثم توظيف بعض الرجال "المحترمين" "الراشدين" لمراقبة الأسواق وزائريها بطريقة "خفيّة" لاتمس كرامة أيّ أحد ، لمعرفة وكشف من يقل أدبه ودينه ويتحرّش بأي إمرأة ، ثم القيام بتحرير الواقعة وإستدعاء ولي الأمر "لاشراكه" في المسئولية ، وتثبيت إسم الشاب المتحرّش في سجلات إدارة السوق للرجوع إليها إذا تجرأ هذ الشاب الوقح بتكرار "فعلته" ، وعندها تسليمه لرجال الشرطة ليتابعوا الأمر وينزلوا به العقاب الذي يستحقه. هذا هو العدل في المعاملة وهذا هو أقل حق للمواطن كل مواطن في أن يعامل بكل "المساواة" وكل الكرامة والاحترام ، لا أن يلقى "الاهانة" و"الازدراء" واحيانا كثيرة "الدفع بالأيدي" وكأنه"مجرم عتيد" وهو الذي لم يرتكب أيّ خطيئة لافي نظر الدين ولاالمجتمع السوّي المتحضّر ، وكل خطيئته أنه "تجرأ" في دخول هذه الأسواق ليجازَى بالمنع والاهانة والاحراج . وكأن هؤلاء القائمين على هذه الأسواق يريدون إعادة التاريخ الذي عفى عليه الزمن وتقليد المجتمع الأمريكي "القديم" الذي كان يمنع "المواطنين السود" من دخول مطاعمه وغيرها حتى تدخّل الشرفاء من رجال ذلك المجتمع في ذلك الزمن واصدروا التشريعات والقوانين بايقاف هذه "المهازل اللاإنسانية" ، وهي التي اشتهرت بمسمى "الحقوق المدنية" والتي أعدّها الرئيس الأمريكي المحبوب جون كنيدي والذي لجأ حتى إلى استخدام "كتيبة من الجيش الفدرالي" لإجبار حاكم ولاية ألاباما الذي وقف مع رجال شرطته لمنع شاب أمريكي أسود من دخول إحدى جامعات الولاية ، و"إجبار" هذا الحاكم باحترام "جميع المواطنين" ومساواتهم في كل الحقوق و"عدم منع " "أي فئة منهم" من دخول المطاعم أو الاسواق أو المدارس أو الجامعات وخلافها إضافة إلى جميع الحقوق التي كفلتها تلك "الحقوق المدنية" . والمصيبة الأخرى في أمرنا هنا هي أن المعاملة الخشنة بل " العدائية" التي يزاولها أغلب رجال أمن السوق هؤلاء تأتي من كونهم إما جهلة أو أنصاف متعلمين لايكادون يفقهون شيئاً في "وجوب" المعاملة الانسانية المتحضرة للغير التي "يأمرنا" بها ديننا ويزاولها مجتمعنا منذ القدم وقبل ظهور هذه الاسواق والقائمين عليها ورجال أمنها "والتعبير هنا مجازاً بكل تأكيد". وإنني أرجو أن نفكر جميعاً في الشعور "بالقهر" و"الإحباط" الذي يشعر به كل شاب يتعرض لهذه "المهانة" وهو "في وطنه" وليس في دولة "أجنبية معادية". فهل يلام لو أبدى وهو في مثل هذه الحالة النفسية ضعفا في "الانتماء" لهذا المجتمع والذي لايقيم وزناً لكرامته وآدميته وأبسط حقوقه؟ هل يلام؟ إنني هنا أناشد "جمعية حقوق الانسان السعودية" وأناشد "مجلس شورتنا الموقر" للتصدّي لهذه "المهزلة اللاإنسانية" التي تعرّض سمعة "وطننا كله" للنيل منه والهجوم عليه وإتهامه "بهضم حقوق الانسان" و"التمييز" ضد إحدى أهم فئات مجتمعه وهي فئة "الشباب الرجال" ، وكأنه لاتكفينا الاتهامات الموجهة لنا كالسهام بالتمييز والتحّيز ضد النساء ! مدير تحرير جريدة " سعودي قازت " سابقاً [email protected]