على غرار صوت السواقي ..يعزف المكان هاهنا سمفونية اللقاء حيث السلام وقصص الانتماء . هكذا تبدو لي ملامح ذلك "الممشى" الفسيح ..والذي اعتدت ارتياده منذ أمد بعيد التهم فيه رياضة المشي مرتين في اليوم إلى درجة أنه بات واجباً من واجبات يومي المنهك بالمشاغل والهموم , فيه أطلق العنان لمايختلج في صدري , أجده فرصة للترويح والهذيان فكل شي هاهنا يستدرجك للتأمل والإبحار .. يا لجماله يمتد من ميدان الأمواج وحتى ميدان النورس هنا في جُدة خلف بناية فندق الهيلتون الفارهة . تكسوه حلة من الإمتاع حيث تناسق الزهور..ومساحات الأعشاب وعلى أطرافه يقبع بائعي العصائر والحلوى وتُجمله عند الغروب الانوار الخافتة على امتداده تجمعات للعوائل وعلى ضفته الأخرى مقاعد للمشاة أعدت بشكل لافت ليستريح المتعبون. اليوم على غير العادة هناك في الجزء الجنوبي فتية جاؤوا للعب الكرة إنهم يتقاذفون الكرة بشيئ من التهذيب .. لاسِباب لاصراخ تراهم وهم يلعبون أبعد مايكونوا عن البهدلة والغثبرة كما كنا نلعب في نادينا العتيق . يبدو أنه يوم مليء بالأحداث ..هنا جمع من الشبان يصطفون ليستمعون لعازف قيثار ماهر أحدهم يقول ..إن هذا العزف يغريك لترقص وتهتف ويشعرك بأنك خارج نطاق حدودنا المغلقة هناك في الشانزلزية .. "لربما" .الفتيات هاهنا ماهرات في المشي فهن وبقدر صغر خطواتهن إلا أنهن سريعات في المشي يبدو أن لهن خلطة سرية لهذه الطريقة في المشي قد تصعب على هواة "البصبصة". العم محمود جاء متأخراً اليوم هاهو ينحني ليربط حبال حذائه الرياضي ويتأهب ليبدأ المشي بأناقته المعهودة ..كل مافي العم محمود يحرضك على الكتابة والهيام ..عَمِل العم محمود في شركة أرامكو لمدة 32سنة وهو اليوم متقاعد ينهكه الفراغ لكنني أرى فيه انموذجاً للرجل المنطلق دونما قيود ..تبهرك إيتسامته وتسريحة شعره الأبيض كل مافيه يُخبرك بأنه رجل صاحب تجربة ثرية في الحياة ..إعتدت أن أبتسم له بخِلسة لأجده مرحبا بأخرى أكثر جُرأة ياله من جذاب ..أحترمك ياعم محمود رغم انني لاأعرفك كثيرا ..أنت اليوم عنوان لواجبي اليومي لابد أن أقرأة بتمعن. . يالجمال ممشانا هذا هو الشي الوحيد الذي يشعرك بالاختلاف عن نمط اليوم وكل يوم..الجميع هنا يحترم وجود الآخر رغم إختلافه معه ..أجمل مافيه أنه لايفرض علينا شيئاً من الوصايا المعلبة ..أستودكم يارفاق ولقائنا يتجدد عصر الغد بإذن الله ..دمتم. [email protected]