الحديث عن زوال (اسرائيل) الكيان الصهيوني الاستعماري في فلسطين العربية المحتلة لم يعد حديثا غيبيا لا يحسن التطرق اليه بحجج واهية لا سند لها من واقع ولا دليل أو شاهد او برهان من التاريخ قديمه أو حديثه لا سيما ان الاستعمار الغربي لبعض بلدان المنطقة العربية قد زال واندثر، وانما غدا حديث الساعة، فهناك مؤشرات جمة، تشير كلها الى قرب زوال اسرائيل من الوجود، وان الحلم (اليهودي) بالاستيطان بقوة السلاح والدعم اللا محدود من قوى تهدد مصالحها في المنطقة باسرها في اراضي الغير اصبح الى زوال والى فناء. فقد ايقن الساسة والمفكرون الصهاينة في فلسطين العربية المحتلة سواء الساسة ممن كان لهم دور في عملية صنع القرار او من المفكرين اليهود الذين ارتبطوا طويلا بالمؤسسات الحاكمة هناك عشية احتفال الكيان الصهيوني بالذكرى الستين لانشائها ان مسوغات شتى لزوالها من الوجود بدأ يقترب شيئاً فشيئاً، ولا مجال للمراوغة او المماطلة او عدم الاعتراف بالحقيقة المرة. فالوجود الاسرائيلي على الاراضي العربية الفلسطينية بلا شرعية، اي ليس هناك حق يهودي او شرعية تاريخية او تراثية او عقدية تؤكد وجودهم الى ما شاء الله، خاصة ان الحق الفلسطيني يتضح يوما بعد يوم حتى اصبح وجودها مثار ريبه وشك في داخل حكومات وشعوب الدول الداعمة للوجود اليهودي في فلسطين العربية المحتلة او في داخلها داخل الكيان اليهودي الصهيوني ذاته. فقد اعلن بصراحة تامة كبير المعلقين في صحيفة (يديعوت احرنوت) اوسع الصحف الاسرائيلية انتشاراً (ناحوم برنيع)، وهو الذي توقع فشل (اسرائيل) في حرب لبنان الثانية (1427ه-2006م) من اول يوم فيها، على الرغم ان (اسرائيل) اليوم قوية من الناحية العسكرية، وذات منعة اقتصادية الا ان الناس فيها يفتقدون (الثقة) بمستقبلها وبقدراتها على البقاء. وحيازة الكيان الصهيوني الاسرائيلي اليهودي لاكبر ترسانة من اسلحة الدمار الشامل التقليدية والنووية والكيماوية والجرثومية كفيل بتدميرها ذاتها. جاء في كتاب: (ان تنتصر على هتلر) لمؤلفه (ابراهام بورغ) رئيس الكنيست الاسبق، نجل يوسف بورغ، احد مؤسسي الدولة الذي اسس حزب (المفدال) الديني: ان المجتمع (الاسرائيلي) يفترسه الذعر! واضاف: ارى مجتمعي يذوي امام ناظري! وان يدرك التيار المركزي انه عندما ندع (الجيش) ينتصر، فانه غير قادر على ان يعي ان (القوة) ليست هي الحل! واشار بورغ ان الحديث عن محو غزة يدل عى اننا لم نستوعب الدرس! ويعتبر ان المجتمع الاسرائيلي مجتمع مذعور! واضاف: اننا معوقون نفسيا! اسرائيل تعاني صدمة نفسية مستديمة! صدمة (النازية) افقدتنا توازننا! اننا نعيش بشعور ان كل (العالم) ينفر منا! ان (التشدد) يسيطر على هويتنا! اننا مجتمع يعيش على سيفه! وهذ الشعور ورثناه من ألمانيا! وكأن ما سلبوه منا خلال 12 عاما يحتم ان يكون سيفنا كبيراً جدا! اليس جدار (الفصل) الذي نقيمه في الاراضي الفلسطينية خير دليل على انفصام الشخصية الذي نعانيه! واشار بورغ الى ان مظاهر الفاشية التي تميز (اسرائيل) خطرا آخر يهدد مستقبل اسرائيل! واضاف: اسرائيل دولة فاشية، بلطجية ومستقوية وقاسية وامبريالية وسطحية فاقدة لاصالة الروح ومنطوية على نفسها! فالدعوات المتتالية الى قتل الفلسطينيين، وهدم منازلهم وترحيلهم والقتل، وشرعنة (الترحيل) من خلال مشاركة اصحاب هذه السياسة في الائتلاف الحكومي، دليل على انتشار الفاشية! وشدد بورغ على ان احد مصادر الخطر على الدولة هو حقيقة انها غير ديموقراطية، ساخرا من ادعاء الحركة الصهيونية ان (اسرائيل) هي دولة يهودية وديمقراطية، معتبرا انه لا يمكن الجمع بين اليهودية والديمقراطية! ثم يأتي المبرر الثالث، المسوغ الاخير لزوال اسرائيل من الوجود: التهديدات الخارجية والداخلية، فقد ذكر البروفسور (امنون روبنشتاين) ان (اسرائيل) لا يمكنها البقاء مطلقا بسبب وجود نوعين من التهديد، النوع الاول: خارجي يمثله فشل (اسرائيل) في ردع العرب عن مواصلة تهديدها والتربص بها، والنوع الآخر: التهديد الداخلي المتمثل في الفساد، وتآكل ما يسميه (منظومة القيم الصهيونية) التي استند اليها الصهاينة في اقامة كيانهم! وفي مقابلة اجرتها صحيفة هارتس اشار (روبنشتاين) انه على الرغم من انتصارات اسرائيل في حروبها الكبيرة مع الدول العربية الا ان هذه الانتصارات فشلت في اجتثاث الرغبة العربية في محاربة اسرائيل! واضاف: ان ما يجعل الامور اكثر تعقيدا في وجه اسرائيل هو (اسلحة) الصراع واتخاذه بعدا دينياً، الامر الذي لا يزيد فقط رقعة العداء لاسرائيل، بل يجعله اكثر تصميما! ويعتبر (روبنشتاين) انه من الحمق الانطلاق من افتراض مفاده: ان الانظمة العربية الحالية ستبقى للابد! مؤكدا ان (اسرائيل) قد تستيقظ في يوم ما، وقد احيطت بانظمة حكم ذات توجه اسلامي! لا ترفض وجود اسرائيل فحسب، بل تتجند من اجل ازالتها! ولاحظ (روبنشتاين) من خلال رصد ظاهرة تحلل منظومة القيم الصهيونية، مثل ميل الشباب الاسرائيلي لعدم التضحية من اجل الدولة الذي يعكسه تهاوي الدافعية (الدفاع) في صفوفهم للتجند في صفوف الوحدات المقاتلة في الجيش الامر الذي جعل عبء العمل العسكري يقع في الواقع على كاهل نسبة قليلة من المجتمع! واضاف: ان احد مصادر هدم منظومة القيم هذه تتمثل في حقيقة ان قادة الدولة لم يعودوا مثالا يقتدي به الشباب الاسرائيلي! وأكد ان في الوقت الذي يصرخ قادة الدولة مهددين بشن مزيد من الحروب الا انهم يستثنون ابناءهم من تحمل عبء هذه الحروب، مشيرا الى حقيقة ان ابني رئيس الوزراء (ايهود اولمرت) تهربا من الخدمة العسكرية بالسفر الى الخارج! واشار الرئيس الاسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية الجنرال (شلومو غازيت) الى ان رفض (اسرائيل) للتجاوب مع الرغبة العربية لحل الصراع يحمل في طياته دمار اسرائيل! وشن غازيت انتقادا حادا على المستشرق الامريكي (برنار لويس) الذي دعا (اسرائيل) لعدم التفاوض مع العرب! واعتبر ان تخليد الوضع القائم سيؤدي الى تصفية اسرائيل! وصرح رئيس وزراء الكيان الصهيوني في فلسطين العربية المحتلة في يوم الاثنين 15 رمضان 1429ه الموافق 15 سبتمبر (ايلول) 2008م (ايهود اولمرت): ان (حلم) دولة اسرائيل الكبرى قد انتهى، وان (اسرائيل) اخطأت بحق الفلسطينيين لاكثر من اربعين عاما!