كلما انتهى عام.. وبدأ آخر.. نشعر بالمزيد من الاقبال على هذه المشاوير الممتدة أمامنا.. التي تفرحنا وتشقينا.. تسعدنا وتدمينا.. وتغضبنا وترضينا.. ونحتار.. هل نودع العام الذي مضى.. أم نستقبل العام الذي أتى؟! ونحتار أكثر.. كلما شعرنا بأن شجرة الآمال ما زالت تتواصل بالنمو.. وان قنديل الاماني ما زال يتوهج بالذي نتوق اليه.. ونطمع في الوصول الى امتلاكه لنتوحد معه.. ونكون الفاصلة الأحلى في هذا الزمان.. لكن كومة التساؤلات بالتأكيد تكون للقادم.. لعام يهل وسط تظاهرة رائعة.. وحافلة.. بكل الأشياء الغالية التي ما زلنا نتوثب لمواصلة ركضنا باتجاهها!! تعالوا معنا إذاً نستضِف العام الجديد الذي أطل علينا قبل أيام قليلة.. تعالوا نتعرف على ملامحه.. ولونه.. ونحاور التوقعات التي تسكنه.. وتنام تحت جلده! * سألناه: وأنت تأتي ما أول الأشياء التي تطل بها علينا؟! ** قال: هذا التفاؤل الذي يوحد بيني وبين كل الناس.. ويحدث هذا لأن الإنسان بطبعه متفائل.. وطموح.. ويصادف هامات الاماني أكثر من أي شيء آخر.. لقد تعود الناس على حسن الظن بكل اطلالة جديدة.. وبكل قطرة قادمة.. وبكل سحابة تجوب ساحات الانتظار والتطلع.. * سألناه: ولكن ما تقول عن شقيقك العام الذي مضى؟! ** قال: أنا مثل الإنسان.. لا أحب ان اتحدث عن الذي مضى.. وانقضى.. فالذي فات.. مات.. كما يقولون ويظل القادم هو الأهم.. وهو الأحلى.. لكن ذلك لا يمنع من أن أقول إن العام الماضي قد أثقلته آمال الناس فانثنى فوقها ورحل!! * قلنا له : لكن الانسان هكذا أبداً آماله أكبر من مساحات ركضه!! ** قال: ربما.. لكن الانسان الأصدق.. والأمثل هو الذي يوازن بين الأمل والواقع.. بين التطلع والمتاح.. بين ما يريد ويطمع وبين ما هو ممكن!! * سألناه : وماذا ستضيف الأيام الجديدة لإنسان العصر؟! ** قال: لا أعد بالكثير في هذا الجانب فأنا اعترف بأن كل السنوات الماضية قد قصمت ظهر الانسان وأدمته وملأته بالقلق.. والعذابات.. والانتظارات فمن الظلم ان نضيف اليه جديدا.. * قلنا له : ولكن هناك ما يمكن أن يضع الانسان على ضفاف الراحة.. وأن يقوده للمزيد من السعادة!! ** قال: ليس في هذا العصر.. فالسعادة أصبحت لحظة التماعة في خيال الإنسان والراحة أمست في المزيد من الركض. هذا عصر اللهاث باتجاه أي شيء. الآمال.. والأحلام.. والوشوشات هي بوح الذين يضعون لليل مواله.. وللدنيا ولهها وألقها.. هم المحرومون الذين يبنون فنارات العذابات المتسكعة على كل الدروب!! * قلنا له : ولكننا أيها العام الجديد نحلم بالمزيد من الوفاء على الأقل!! ** قال: هذا الوفاء ليس بوابتي.. أنا لا أعرف الأسماء جيداً.. ولكني.. أتذكر بأن ليس من مهماتي هذا الذي تسمونه - الوفاء - الا بالقدر الذي تختزنه انسانية الانسان.. الانسان.. * سألناه: والحب أيها العام الجديد؟! ** قال: سيظل كما قال الشاعر: والحب كما الأرض بعض من تخيلنا فإن لم نجده عليها لاخترعناه * سألناه: والأشواق.. يا عامنا الجديد؟! ** قال: ستزداد احتداماً فنحن في عصر القسوة حتى على النفس!! * سألناه: والمحرومون؟! ** قال: سيزدادون طحناً.. هذا زمن (الفرجة) على سطح الأعصاب والأماني!! * سألناه: وماذا بقى ايها العام الجديد؟! ** قال: الامل.. تمسكوا بالامل.. فهو وحده الذي يطفئ من نار تشب في المشاوير والانتظارات.. * سألناه: وللإنسان.. ماذا ستقدم؟! ** قال: سنحافظ على الانسان بكل مكتسباته.. ونقائه.. ونزاهته.. فهو الذي يصنع بعرقه الامتداد للحياة السعيدة أو الحياة التي يجب أن تكون سعيدة!! * سألناه: هل نتشاءم؟! ** قال: لا.. فالتشاؤم يحيل النور الى ظلام مخيف.. لابد أن تكون لنا الرحابة في حياتنا.. ولابد أن يظل سعي الانسان من أجل أن تكون الحياة أجمل.. وأمتع.. وأروع. * سألناه: ومتى نلتقي ثانية؟! ** قال: في آخر المشوار.. كلام متعوب عليه أنت أبداً في صدري تأتلقين بين قلبي ونبضي.. وتزرعين بين كفي وكفي.. ما رأيتك الا واغمضت عيني حتى أراك أكثر!! ظللت النداء المزدحم بالامل.. واقتربت مني فازداد عطشي ولهبي.. وأصبح الجفاف كل مواسمي!! منذ ان سكنت جوانحي والدنيا رحبة مثل عينيك.. صافية نقية مثل لونك.. زاهية مثل عطرك وأنفاسك.. لا تقلقي.. من هذه المشاوير الطويلة ولا من هذا الصبر.. ولا من هذه المسافات.. تأكدي أن كل الطرق تؤدي الى تواجدنا!! مضت سنين طويلة.. ظل حلمنا واحداً.. وخفقنا واحداً.. كنا نعيش بقلب واحد.. ونبتسم بشفة واحدة.. ما زادتنا الايام إلا ادماناً للوفاء!! كل يوم.. اقرأ عليك كلماتي.. أشعر بأني أرحل الى دواخلك مثل ما يفعل الدم.. ومثل ما تكون الأمنيات.. شموعك.. ذكرتني بلحظة أن أضأنا جوانحنا.. ثم طرنا معًا الى النجوم تلك التي غارت من حسن وهو يضوي!! كلما تلفت.. طلع وجهك في كل الأشياء.. صدقيني نسيت كل الاشياء وبقيت أنت!! لا تخافي.. ولا تغاري.. ولا تقلقي وتعالي اسكبي صوتك في إصغائي.. علميني كيف أشتاق أكثر.. كيف أغرق أكثر.. فأنت خاتمتي التي اخترت!! اللقاء عندما تستقبل الموانئ المراكب المسافرة فإنها تشرع صارية الحنان.. والوفاء. وقفة الإنسان الشهم.. لا يتوارى لحظة أن يكون الالتفاف هو النداء المسموع!! معنى مرات كثيرة تتاح امامنا فرصٌ كثيرة فلا نهتم بها.. ثم نفيق لنلهث خلفها دون فائدة.. مرفأ الكلمة الطيبة.. تظل طيبة.. والانسان الطيب يظل طيباً.. ويُكسب الاثنان بالنفس المتسامحة.. هتاف إذا تواصل عمر الإنسان بالوفاء فانه يكسب كل القلوب حوله.. تلك التي تهمي التفافاً مع الأوفياء.. الابتسامات الابتسامة المشرقة عنوان القلب الابيض.. والنفس الصافية!! منديل الحب منديلك هذا.. فيه طعم الهيل.. ورائحة النعناع.. وشكل التفاحة!! أشياؤك الصغيرة تثيرني.. تثيرني جدّاً مرآتك مشطك زجاجة عطرك حتى هذا الريال المهمل.. وحتى هذه الورقة الصغيرة.. وحتى حبة القرنفل!! فما بالك ب"منديلك" انه الشطر الأحلى في قصيدة حسنك ايتها الشامخة بالجمال.. منديلك.. اصبح أغلى اشيائي.. وأشهى اهتماماتي.. وأبهى ألوان أشواقي.. غداً يجيء.. عام شعر/ أحمد سويلم غداً.. يجيء عام يسوق من أمامه قافلة الأيام يكسر النصل على النصل ويطوى الجمر فوق الجمر يرفع الأيدي.. براءة ويغرس الأقدام *** ها نحن يا وحيدتي في عامنا الثالث شاهدين على سقوط العصر والبشر على احتراق الياسمين وانكسار قامة الشجر ها نحن.. في اختراقنا مسلحين بكل ما يحرق كل ما يشرق كل ما يحرر العشاق من وهم السهر ها نحن في العشق نحيل الليل ناراً واشتعالاً والنهار جذوة من السعي وفي قبضة ايدينا.. الزهر غداً يجيء عام ونذكر الذي مضى ونمطر الوجوه مفردات من لغات الحب والقهر وملء البطن.. والسغب *** غداً يجيء عام.. وتقبلين لي أكثر عشقاً.. وعطاء واحتماء بالذي يعيش بيننا ويلتهب.. نغرس في الدروب الف راية.. لعل غيرنا من الذين يعبرون.. يبدلون جلدهم.. ويعشقون.. ويسرعون بالأيدي وبالعناق بلا عداوة.. ولا شقاق غداً.. غداً يجيء عام.. لكي يكون ألف عام.. نجدد العهد.. ونعلن الحب.. على سارية الايام..