العلم السعودي .. راية التوحيد.. رمز العز والفخر    يوم العلم رمز السيادة والانتماء    رابطة مشجعي مانشستر يونايتد "قلقة" من عواقب الملعب الجديد    جمعية أضواء الخير توزّع أكثر من 5,000 وجبة إفطار صائم    بطولة "مدرك" الرمضانية.. رياضة تنافسية ورسالة توعوية بجازان    بتوجيه من سمو ولي العهد.. المملكة تستضيف محادثات بين أمريكا وأوكرانيا في جدة    أمير تبوك يدشن حملة "جسر الأمل"    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفروعها تحتفي بيوم العلم    نائب أمير تبوك يوم العلم مناسبة غالية تمثل مصدر فخر ورمز للتلاحم والوحدة الوطنية    الهيئة السعودية للتخصصات الصحية تعتمد زمالة جراحة الأذن وأعصابها وقاع الجمجمة الجانبي    تعليم جازان يحتفي بيوم العلم بفعاليات تعزز قيم المواطنة والانتماء    وزارة الداخلية توضح المواصفات القياسية للعلم الوطني السعودي    باحثات سعوديات يدرن مركز الترميم والمعالجة بمكتبة المؤسس    ارتفاع الصادرات يعكس نجاح رؤية 2030 ويعزز التنوع الاقتصادي    بيولي: النتائج تختلف عن الأداء في النصر    "الحواسي" يستعرض مع قيادات تجمع القصيم الصحي فرص التحسين والتطوير    أخصائي شؤون طلابية: احموا المدارس من العدوى    تعاون بين دي إم جي إيفنتس و Messe München لإقامة معرض IFAT في المملكة العربية السعودية عام 2026    البرلمان العربي يرحب باتفاق اندماج المؤسسات المدنية والعسكرية السورية    أوكرانيا تثني على بداية "بناءة" للمباحثات مع الولايات المتحدة في السعودية    وزارة الداخلية توضح محظورات استخدام العلم السعودي    أمير المنطقة الشرقية: مجتمعنا يتميز بالتكاتف والتعاضد    هطول أمطار في 7 مناطق.. والشرقية تسجل أعلى كمية ب 6.2 ملم في حفر الباطن    نمو اقتصاد اليابان بمعدل 6ر0% خلال الربع الأخير    مساعد رئيس مجلس الشورى تستعرض أمام لجنة المرأة بالأمم المتحدة مسيرة تمكين المرأة في مجلس الشورى ومشاركتها بصنع القرار    رابطةُ العالم الإسلامي تُدين قرارَ حكومة الاحتلال الإسرائيلي قطع الكهرباء عن غزة    مواصفات العلم السعودي عبر التاريخ    الاحتلال قطع الكهرباء ودمر محطات المياه ومنع إدخال المساعدات.. تحذيرات أممية من جوع وإبادة جماعية في غزة    في إياب ثمن نهائي نخبة آسيا.. الأهلي لتأكيد التأهل أمام الريان.. والهلال لتخطي باختاكور    في إياب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.. ليفربول الأوفر حظاً للتأهل.. وليفركوزن يحتاج معجزة    البسامي يراجع خطط القطاعات الأمنية المشاركة بالحرمين    25 شهيدا وجريحا في القطاع خلال 24 ساعة    العلم السعودي.. احتفاء برمز الوحدة والفخر    تحت رعاية سمو ولي العهد.. مؤتمر مبادرة القدرات البشرية يناقش تسخير الإمكانات للتنمية    فخامة رئيس جمهورية أوكرانيا يغادر جدة    الفوزان إخوان.. وهَبات من الخير    يوم العلم والكشافة السعودية    سمو أمير المنطقة الشرقية يدشّن مبادرة "الشرقية الخضراء"    جيسوس: لا مجال للخسارة    بلدية النعيرية تطلق فعاليات رمضان يجمعنا في نسختها الثالثة بمقر بسوق الأسر المنتجة    هل تنسحب أمريكا من حلف الناتو    جمعية الدعوة بأجياد توزع أكثر من 4000 مصحف مترجم على ضيوف الرحمن خلال العشر الأولى من رمضان    دبلوماسية الحرمين في أرض النيلين    هل تخدعنا التفاصيل؟    لتكن خيرًا لأهلك كما أوصى نبي الرحمة    لقد عفوت عنهم    "البصيلي": يلقي درسًا علميًا في رحاب المسجد الحرام    الخليج وصيف الدوري السعودي الممتاز لكرة الطاولة    التاريخ الشفهي منذ التأسيس.. ذاكرة الوطن المسموعة    أمير حائل يكرّم طلاب وطالبات تعليم حائل الفائزين بجائزة "منافس"    250 مظلة متحركة بساحات المسجد النبوي    %90 مؤشر الرضا عن أمانات المناطق    أمسية شعرية في ثلوثية الراحل محمد الحميد    مبادرة مواطن تحيي بيش البلد    أبو سراح يطلق مجلس التسامح بظهران الجنوب    محافظ الطائف يُشارك أبناء شهداء الواجب حفل الإفطار    المكملات الغذائية تصطدم بالمخاطر الصحية    8 طرق لاستغلال شهر الصوم في تغيير النمط الغذائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكلة سمك
نشر في البلاد يوم 29 - 12 - 2008

ضيف الشرف على مائدة العشاء الدوري لجيران الحي كان من المغرب، يكرمه والد رشا من باب العرفان بالجميل، فقد كان جد رشا أجيرا عند والد ضيف الشرف المغربي في تطوان أيام الفاقة والعوز وطيلة سنوات الحرب الأهلية الأسبانية وما بعدها.
أخبرتني رشا أنها اقترحت على والديها تقديم أطباق مغربية كالمشوي والكسكس بالخضار والباستيلا بلحم الطيور وشوربة الحريرة ، فهي أطباق محببة لدى الجيران، ويمكن تجهيزها بتعاون طباخ جارنا يعقوب مع طباختهم الأندلسية ، في الوقت ذاته تعبر للضيف عن مدى تذوقنا لأطباقهم التي لازالت تحافظ على أصالتها رغم هجمة الوجبات السريعة والجاهزة مصحوبة بالمياه الغزية. وكان لوالد رشا اختيار آخر، تشكيلة من خيرات البحر، فالضيف يزور مدريد، وفي مدريد ثاني أكبر سوق للسمك بعد سوق طوكيو، وفيه تتوفر طازجة كافة أنواع السمك وفواكه البحر ، نال اقتراح والدها الموافقة، فكانت على المائدة أطباق لمختلف أنواع السمك وفواكه البحر ، وكل نوع منها طهي على طريقة مطبخ واحدة من مقاطعات أسبانيا.
أقبل الحضور على الأطباق بشهية ونهم، وصاحبنا ضيف الشرف يجول بناظريه بين الأطباق وبين الأفواه التي تتناول الطعام. لاحظت رشا ما عليه حاله فجاءته مستفسرة عما إذا كانت لديه حساسية من أكل خيرات البحر، وإن كان الحال كذلك فإن قطعة لحم ستيك لعجل من أبيلا ستشوى له في الحال.أجابها وهو يشكر عنايتها ويقدر ملاحظتها بأنه ابن الشاطئ حيث السمك هو الطبق اليومي و المورد الأساسي للأسر التي تعيش على البحر وخيراته. فقط استرعت انتباهه هذه التشكيلة الواسعة من خيرات البحر وسرح بفكره يتساءل: هل هذه السمكة من شواطئ المغرب الشمالية أم أنها من شواطئه الغربية، وتلك السمكة ربما صيدت من شواطئ الصحراء المغربية، أما السمكة التي تتربع الصحن المطاول فهي بالتأكيد من أغادير، لقد كنت هناك الأسبوع الماضي واشتريت سمكة تشبهها شبه التوأم لتوأمه. وأخذت أتخيل سنارة الصياد المغربي وهي تغازل تلك السمكة الممتلئة التي تتربع على الصحن المستدير ، والسمكة تزوغ عن الطعم ميمنة وميسرة بدلع وغنج لتفقد الصياد صبره رغم أنها راغبة في أن تقدم له نفسها راضية مرضية لتكون وجبته للطعام مع أسرته أو مورد رزقه ليؤمن من مبلغ بيعها بعض طلبات البيت من خضار وفاكهة، وبينما الصياد على هذه الحال مع سمكته هبت ريح عاتية وقذفها الموج إلى البحر العميق وحجزتها هناك شباك المركب الكبير ومنه إلى طائرة موردي الأسماك التي أوصلتها مع أطنان من الأسماك وفواكه البحر إلى مطار مدريد حيث يزداد الطلب على السمك مع ازدياد الدخل ليكون مقدار استهلاكه معيار لرفاهية الشعوب واهتمامها بصحتها. وهذا السمك المخطوف يهدى للأغنياء والموسرين لجماله وطيب مأكله.
صغيرتي رشا : نحن الذين شاء الله أن نولد بجانب البحر ، بيننا و بين خلق الله من الأسماك والحيتان وفواكه البحر ود ومصير مشترك، ولقد كنا في رغد وبحبوحة قبل أن تغزو شواطئنا سفن صيد تحمل أعلام دول المشرق والمغرب والشمال لتنهب مورد رزقنا وتحرم أفواه أطفالنا الجياع من لقمة عيش بشرف. قبلها ، وفي ذاك الزمن الجميل، وقبل تجول تلك البواخر في مياه بحارنا، كانت حياتنا سهلة وخالية من الكماليات، وأي ثمن لما نصيده من شواطئنا يعود على أسرتنا بالفرح والسرور. أنا لا أنكر أن خيرات بحارنا وهي تبتعد عن شواطئنا تعود على المغرب بالعملة الصعبة التي تمكننا من استيراد ما نحتاج إليه من أجهزة ومواد مصنعة، غير أن حرماننا أكبر كثيرا مما يعود على ميزانية بلدنا من عملات أجنبية بعد حسم عمولات الوسطاء وأرباح التجار هنا وهناك التي تقضي على أربع أخماس قيمتها. ترى أليس الجار أولى بالجار والصياد أولى بسمك شواطئه، يأكل منه ما يستطيع، ويصنع منه ما يستطيع، ويصدر الفائض إلى الخارج وفق احتياجاته منها؟ إنني أتطلع لزمن يسود فيه العدل والإنصاف بيننا وبين خيرات بحارنا، واعتذر الآن يا صديقتي لإطالة الحديث وتعطيلك عن مواصلة الطعام، تعالي جانبي وقربي منا ذلك الطبق فشكل سمكه أصيل كأصالة سمك أصيلة ، رائحته زكية وشكله فاتح للشهية. ما ضايقني هو أن الآخرين على المائدة استمروا في غزوهم الأطباق ماسحين الطبق بعد الطبق، ولم يعطوا بالا لمعاناة ضيف الشرف وهو يرى خيرات بلده على موائد الأجانب، وأهله تحت العدوان ويتضورون جوعا لوجبة سمك.باستثناء والدة رشا ، فقد قالت لي وهي تودعني بأن الضيف على حق فيما يقول، وإن كانت أرض بلده غنية بالعديد من المنتجات الزراعية واللحوم فلا تحرم جائعا من لقمة عيش، في حين أن الأهل في فلسطين وخاصة في قطاع غزة تحت العدوان ويتضورون جوعا ويعانون من الحصار وقطع الكهرباء وانعدام فرص العمل، والصيادون منهم محرومون من الإبحار بقواربهم لصيد بعض السمك، وختمت قولها بالمثل الشائع: إذا عرفت مصائب غيرك هانت عليك مصيبتك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.