شيء مؤسف ان يتراجع هذا البلد الأنيق الجميل لبنان عن مسيرة الحياة والحضارة بعد ان كان ينافس كثيرا من الدول الراقية في ميادين العلم والثقافة والسياحة والصحافة وحب الحياة. ما الذي حدث لهذا البلد الذي اصبح يسكنه الخوف والرعب والصراع السياسي والمذهبي حتى اصبح ابناؤه يفرون منه كالعصافير المذعورة وحتى غرق اهله والمقيمون فيه في مستنقع الفقر والهواجس المخيفة والازمات القاتلة؟! ولماذا صار التفاهم والتعاون وقبول الآخر ضرباً من المستحيل؟! في وجود زعامات تعمل لحساب طوائف ومذاهب ضيقة؟ سألت صديقاً لي قادماً من بيروت للتو وهو من عشاق لبنان المبهورين بثقافته وصحافته الانيقة عن الاسباب الحقيقية لأزمة لبنان فقال لي: ان اسباب الازمة اللبنانية ليست سياسية ولا ايديويوجية ولا طائفية ولا مذهبية وانما هي في الاصل الكوليرا الصحافية والمحطات الفضائية التي مزقت العقل والجسد اللبناني فهي دائماً الشرارة التي تنشر الحرائق في لبنان لمصالح خارجية فبعد ان كانت الصحافة اللبنانية توصف بانها صاحبة التنوير والعلم صارت الآن قطارا سريعاً يأخذ اللبنانيين الى الموت والهاوية والضياع. ان الصحافة اللبنانية لم تعد للتنوير ونشر الثقافة والفن وبناء المجتمع والحرص على امته وسلامته واستقراره ولكنها الآن صحافة تحت الصفر تنذر بشر مستطير بناء على أوامر من زعامات متصارعة! نظرت الى صديقي والتساؤل في عيني وهل من امل في انقاذ لبنان من محنته واطفاء هذا الصراع الذي يكاد يأكل الاخضر واليابس! قال صديقي بألم يشبه البكاء: اذا كان هناك نية حقيقية في انقاذ لبنان فلابد من خطوة جريئة يقوم بها المسؤولون اللبنانيون وهي الغاء اكثر من وسيلة اعلامية في لبنان!! مؤقتاً وختم أبواب الفضائيات الحزبية بالشمع الاحمر لان كل ما يسود الساحة اللبنانية من فساد وفتنة وتوتر سببه هذه الاجهزة اللبنانية التي تعيش من اجل الخراب والتحريض على الحرب الاهلية. ما أقسى هذا الكلام على قلبي لانني محسوب على هذا الكار وهذه المهنة مهنة الكلمة المنكوبة بأهلها ممن لا يحسبون لامتهم اية قيمة او اي مصلحة اننا نأمل للاخوة في لبنان ان يخافوا الله في بلدهم ويحكموا لغة العقل قبل ان يذهب لبنان الى المجهول!