وجوه حبيبة تبتسم، وورود وأزهار قرنفل تتوزع، والأيدي تتصافح فهي نهاية لقاء لم يعد أحد يريد له أن ينتهي. كان هذا حال الساعة الأخيرة من دورة تدريبية للمدربين الإعلاميين في القضايا المجتمعية. كانت الدورة أكثرمن مجرد لقاء خمسة أيام مع أشخاص يتم نقل المهارات لهم والتأثير على سلوكياتهم المهنية كي يصبحوا محترفين في مجال جديد من مجالات عملهم. كانت بالنسبة لي لقاء لم شمل بعد أكثر من عشر سنوات مع مجموعة من الطلاب والطالبات كانت لهم محبة وإثرة في قلبي. معظم المتدربين هم من الدفعات الثلاث الأولى لقسم الإعلام بجامعة صنعاء الذي كان لي شرف انشائه. وهم من المدربين المعروفين لكنهم الآن يرغبون الحصول على شهادة دولية للتدريب. وعادة أقوم بالتدريب لمجموعات مختلفة دون أن يكون للعملية العاطفية علاقة بذلك، لكني هذه المرة لم أستطع أن أمنع الزهو من مخالجة مشاعري وأنا أفخر بهؤلاء المدربين الذين كانت بدايات تعليمهم بعد الثانوية على يدي، واليوم بعد أثني عشر عاماً أضع اللمسات الأخيرة على حصيلة من الخبرات والمهارات لهم كي ينطلقوا في صرح التدريب العالمي للعاملين في الاعلام سواء في اليمن أو خارجها. الناس في الصدارة: القضايا المجتمعية لا تزال حتى الآن في كثير من وسائل الاعلام العربية تأخذ حيزاً محدوداً لها فيها. ومنذ انطلاق القنوات الفضائية المتزايدة صارت القضايا المجتمعية محل التركيز اليومي حتى حدود الإسفاف. فكثير من القنوات التلفزيونية وبعض صحف الإثارة تأخذ من القضايا المجتمعية التي تعيشها فئات من الناس موقع التركيز بهدف الإثارة ولفت النظر الى الوسيلة. بينما تقف الصحافة ووسائل الاعلام المرئية والمسموعة من القضايا المجتمعية موقف العزوف عن التناول والتغطية السطحية، ذلك أن الشأن السياسي بالنسبة للإعلام اليمني هو المحرك الأول وخاصة للصحف الأهلية. وبحسب دراسة قام بها الزميل عبد الناصر المودع لستة وثلاثين قضية مجتمعية ملحة لليمنيين وبحاجة الى النقاش والتوعية، وجد صحفاً وبرامج اذاعية وتلفزيونية قليلة تعاملت مع هذه القضايا بالأهمية التي تستحقها. فبالرغم من أن كل وسائل الاعلام مقروءة أو مسموعة تسعى بالدرجة الأولى الى جعل الناس مركز اهتمامها وقضاياهم منطلق عملها بوصفهم جمهورها الرئيس، إلا ان الاعلام اليمني وخاصة المستقل أو الذي يملكه أشخاص، يتجه نحو تغليب السياسي كي يستطيع الحصول على الاعلانات من قبل أصحاب الاعمال الذين لديهم مواقف سياسية محددة. يقول الأستاذ نبيل الصوفي رئيس موقع الكتروني خبري ناجح ورئيس تحرير مجلة أبواب التي بدأت تأخذ لها موقعاً متميزاً في الصحافة اليمنية، أن الجمهور القارئ للخبر على الانترنت ليس مصدر تمويل، وأن القارئ اليمني المهتم بالصحافة ليس هو الذي يستطيع ان يجعلها تعيش. على مدى خمس أيام من التدريب كان الحرص أن تكسب وسائل الاعلام وهي تركز على الناس. [email protected]