كل سنة عندما يذاع اسم الكاتب الحاصل على نوبل أكتشف مدى جهلي بالعالم وبالثقافات الأجنبية، كلما أعلن اسم كاتب أكتشف أنني إما لم أسمع به من قبل أو أنني سمعت به لكن معلوماتي قليلة جدا، أجلس لعدة أيام أقرأ عن هذا الكاتب، أكتشف كم هو عالم الكتابة كبير وعظيم، وكم بذل هؤلاء الكتاب من أعمارهم في الكتابة، أحب أن أقرأ عن الكتاب، عن أحوالهم، عن عوالمهم، أحب قراءة حواراتهم وآراءهم في الحياة، جميل أن تقرأ عن الكتاب، أن تعرفهم عن بعد، الكاتب حين يعبر عن نفسه بالكتابة يستطيع أن يصوغ روحه في كلمات، هو أجمل في أحيان كثيرة منه في الواقع، الكاتب حين يقول رأيه من خلال حوار، من خلال الكلام يعبر بالطريقة التي يبرع فيها، لذلك يقدم لنا نفسه بأبهى صورة . . لذلك لم أعد حريصة على معرفة الكتاب عن قرب، لماذا أنزع عنهم الهالة التي تصنعها الكتابة حولهم، هم من خلال كتبهم أجمل، أكثر سحرا وأكثر تأثيرا . لم أعد أغضب حين أعرف الفرق الشاسع بين إنسان على الورق وبينه في طبيعته، صرت أعتبر حنقي على الكتاب الذين يتصرفون بطريقة مغايرة لكتاباتهم مراهقة، صرت أعرف أن الكاتب يصور نفسه بالطريقة التي يتمنى أن يكونها، يرسم نفسه في اللوحة التي يود أن يراها الناس، أو أنه يبلغ درجة أعلى فيصدق أنه فعلا يجسد الصورة التي يرسمها للناس عن نفسه، كيف يمكن أن تغضب من إنسان يعتقد أنه مثالي، على الأقل هو أفضل من الإنسان الذي يخدع الناس ويعرف أنه يخدعهم . كلنا نجمل أنفسنا، من الصعب أن نعترف بأخطائنا، أنا لا أغضب من الكاتب الذي يجمل نفسه، لكني أغضب من الكاتب الذي لا يرى في الناس سوى عيوبهم، الكاتب الذي لا يكتب إلا كي يظهر الناس جميعا ذئاب وفاسدين ومجرمين وحاقدين، الذي يعيش بارانويا مزمنة تجعله لا يرى سوى القبيح في هذا العالم، خاصة إذا كان هو نفسه لا يخلو من قبح، أليس من الإنسانية أن نعترف بأننا جميعا بشر وأننا جميعا لا نخلو من العيوب . . من المرعب أن يكون الكاتب حاقدا طوال الوقت، فهذا يعني أنه ينزع من قلبه الفهم واستيعاب لحظات الضعف في الناس . . وهذه أهم ميزة يجب أن يتحلى بها الكاتب، واعتقد أن هذه هي الميزة التي تحول الكاتب إلى كاتب كبير وعظيم . . وربما كاتب نوبلي . hanahijazi@ yahoo. com