عندما تسود الدنيا في وجه الإنسان.. وتقام حوله السدود العالية.. ويتفيقه "المبطلون" ويتطاولون على من في الحياة من بشر. وعندما يرتفع صوت الباطل ويصبح "المسكين" مغلوباً على أمره.. ويذهب بعيداً.. ويتطلع الى الوجوه المارة أمامه.. وأصحابها لا ينظرون إليه ولا يتمنون حتى أن يروه. فأقاموا أمامه الحواجز والسدود والموانع ولسان حالهم يقول: نحن شيء آخر.. وهؤلاء المتسكعون فوق القارعة.. الماشين شبه عراة وعيونهم متقزمة وشظايا نفوسهم متداخلة ونواياهم متدنية.. شيء آخر.. شيء آخر. وهؤلاء لا نعرفهم ولا يعرفوننا. أجل أنت الله.. إليك نتطلع وفي جود رحمتك وعطفك وحنانك نأمل ونرجو. أجل أنت الله، ولا أحد سواك نأمل ونرجو.. وهؤلاء "المتكبرون" الذين لا ينظرون لخلقك إلا من باب الاستعلاء والغطرسة. أجل.. هؤلاء الصائمون.. القانتون ذوي الأسمال البالية والنفوس العطشى والأماني القريبة من عفوك ورحمتك وهداك. هؤلاء يا الله.. وهم في هذا الشهر الكريم.. يتلون كتابك وتمتليء بهم المساجد شاكرين مقدرين عطاؤك.. ومنتظرين رحمتك وراجين عفوك ورضاك.. ولسان حالهم يقول: أنت الله الواحد الأحد الفرد الصمد. أنت الله.. الرحمن.. الرحيم. ونحن نعترف بأننا نحن المقصرون والضائعون والمتطلعون بصدق الى عفوك ورحمتك التي وسعت كل شيء. أنت يا الله قلت وقولك حق "يا عبادي لا تقنطوا من رحمة الله.. ولا من عون الله ولا من عطاء الله الذي يتدفق على البشر كلهم وعلى الدنيا كلها رغم أنف الجاحدين والمغرورين والتافهين. أنت الله الذي نلتجئ الى حماه وعطفه.. نحب الفقراء والمعدمين والذين فقدوا النصير والناصر وكادوا ان يغرقوا لولا إيمانهم بأنك في علاك تنظر اليهم وكلك حنان وعطف. ذلك ظننا فيك وأملنا فيك ورجاؤنا فيك. أجل أنت الله.. ونحن في شهر كريم.. شهر القرآن الكريم.. تتدفق جموع الضائعين والمحتاجين والمظلومين نحو بيتك الذي فتحته للساجدين المستغفرين والذي جعلته مأوى لمن فقد الحنان وفقد الشفقة وفقد العطف. أجل هؤلاء كلهم.. كلهم اتجهوا نحو "الباب المفتوح" الذي لا يقف أمامه حارس ولا منظر ولا مخبر مأجور. كلهم.. يا الله.. يتجهون نحو البيت المسكون بالمصلين بالراكعين بالساجدين.. والمقربين بأن لا مفر ولا ملجأ سوى ان نقول وبصوت عاااال.. يا الله.. يا الله.. ارحمنا. يا الله اعفو عنا.. يا الله كن لنا عوناً ومعين وناصرا ونصير كي لا نذل أو نخضع لمخلوق من خلقك. يا الله.. يا الله.. يا الله.