نظرة واحدة من منظار الحياة لمن أراد أن يتفكر يدرك أن هذه الأيام المعدودات التي نعيشها ماهي الا منحة من رب السماء لعباده ولمن اراد أن يسترجع سيرته ليؤكد عزمه على اغتنام الفرص والمضي في طريق الاعتدال . هذه الايام المعدودات التي وضعها رب العباد في كتابه الكريم هي أيام الفرص المؤكدة التي تتضاعف فيها الحسنات وتكثر فيها المكرمات وفيهاجزيل العطايا لمن أراد ان يتفقد ولا يتأخر والسؤال لكل ذي لب لماذا فقط في رمضان تصفو النفوس وتتعلق الافئدة بنفحات الرب الغفور وبعد رمضان تنسى الفضائل وتنعدم الجمائل وتكثر الرذائل وكأن ما كان في رمضان محّرماً وفي غير رمضان مستباحاً .. الغريب أن كثيراً من الناس يلبسون ثياب الزهد في هذه الايام المباركة فلا ترى منهم الا الحسن في المظهر والعمل وإذا انقضت هذه الايام المباركة وجدتهم على النقيض مما كانوا عليه وهذا الفعل لعمري كارثة .فنهم فئة كانت تعبد رمضان ولم تكن تعبد رب رمضان ولو يدرك المرء أن أيامه في هذه الحياة هي أيام معدودات لجعل من حياته كلها أيام رمضان المعدودات فما أحوجنا في العودة الى أن نتذكر دائماً أن الطريق له نهاية وأن المسيرة في هذه الحياة محدودة الزمن فما الضير في أن نجعل من أيامنا المعدودات أيام فضائل واغتنام للحسنات بدلاً من الانتظار من عام لعام لكي نعود الى الله ونستغفره ونتوب إليه ثم ننسى طريق العودة بقية الايام . أيام رمضان هي أيام تأكيد للمسيرة وتقوية للنفوس فهي أيام تتجدد فيها العودة الى الله ومنطلق لبقية الايام المعدودة من حياة المرء لعيش لحظات رمضان ..فلتكن كل الليالي رمضانية ولتكن الايام جميعاً أيام صوم عن الرذائل وإحجام عن الموبقات ولتتواصل النفوس وبنقاء التلاقي ولنجعل من هذه الايام المعدودات شحنات نغذي بها النفوس ونفحات نقوّي بها القلوب حتى تصبح أرضية التعايش بيضاء نقية تملأها الطمأنينة ولنغتنم هذه الاوقات الروحانية التي تستجيب فيها القلوب للطاعة بمواصلة المسيرة على محجة بيضاء وضعها لنا رسول هذه الامة صلى الله عليه وسلم ولا نزيغ عنها فتردينا الى الهلاك . اللهم بلغنا رمضان وأعتق رقابنا ورقاب وأبائنا وأمهاتنا من النار واصلح اللهم حال الأمة الاسلامية وارشدهم الى طريق الصلاح والتقوى .