" اضحك ..مع اخبار العرب " أو لعل الأولى أن تبكي من شدة الكمد على ما آلت اليه أحوال أمة يعرب في هذا الزمان حتى صارت مادة لضحك كثير من أمم الأرض نتيجة ممارساتنا - نحن العرب - التي لا تتوقف عجائبنا عند حد، ولا تنتهي عند نقطة معينة، بل انها تتوالد يوميا وتتناسل اسبوعيا حتى ملأت الآفاق من كثرتها وشدة تزاحمها، وأظن اننا سنأخذ موقعا في موسوعة جينس للأرقام القياسية، لو تم ادراج فعائلنا على ذلكم المؤشر العالمي الذائع الصيت ..وأحوالنا سبق وأن شخصها شاعرنا الكبير المتنبي عندما قال :"أغاية الدين أن تحفوا شواربكم يا أمة ضحكت من جهلها الأمم " ولنبدأ أولا من فلسطين حيث الصراع الفتحاوي الحمساوي على أشده، والهجوم والهجوم المضاد في أعلى حالات ازدهاره، بما في ذلك الاغتيالات والاقتحامات واحتجاز الأفراد كأسرى، بينما كل حركات المقاومة في العالم لا تعرف عبثا مضحكا، كذلك الذي صارت غزة والضفة الغربية مسرحا له .وأقرب مثال على ذلك حركات المقاومة في جنوب افريقيا، وحكاية السيد نيلسون مانديلا على رأسها، فقد قبع في السجون العنصرية شابا، وخرج منها عجوزا، ووصل الى سدة الحكم ثم لم يرض ان يحكم اكثر من ولاية واحدة، مع انه شخصية جماهيرية، وبطل قومي لو جلس فوق كرسي الحكم طوال عمره لما انتقده احد، ولكنه ترك الأضواء ايمانا منه بأن هدفه ليس اللهاث المسعور وراء الضوء والكراسي بقدر ما هو تحرير بلاده من حكم عنصري همجي . وانظر اذاشئت شرقا الى حيث بلاد الرافدين وارض العراق التي كانت جنة الله في ارضه، بلد تجري فوق ترابه الأنهار، وتتفجر من باطنه ابار النفط الغزيرة، ومعها زخم ثقافي وتاريخي وارث حضاري سجلته كتب التاريخ، ثم كيف تحول الى مادة صحفية مؤلمة حتى العظم، تتناقل وكالات الأخبار كل ساعة اخبار الاغتيالات الاجرامية، والتفجيرات الانتحارية، التي يشيب لها الولدان فتحصد ليس الناس والابرياء والشيوخ والنساء، ولكن حتى الأخضر واليابس فما اغنى العراق وأهله من هذا الجحيم الذي وصل اليه؟ وهذا الدمار الذي طال كل شيء وقيل إن عودة العراق الى ما كان علي فقط سيكلف مئات المليارات من الدولارات والان ليس في الافق أية بادرة تفاؤل الى سكون احواله، ولا حول ولا قوة إلا بالله ..ولعل حتى رجل الشارع البسيط يدرك لو أن الله قد منح حاكم العراق السابق صدام حسين شيئا من البصيرة لكان قد جنب أهله ووطنه وجيرانه كل هذه البلايا العظيمة !! ثم انظر الى احوال لبنان الشقيق، بلد الحريات، والكلمة الشفافة، والتجربة الديمقراطية، كما يقولون، كيف ظل كرسي رئاسة الجمهورية خاليا، وشكل فراغا رئاسياً لأيام طويلة، أظن انها الحالة الفريدة من نوعها على مستوى العالم بسبب الصراعات في وقت كان الناس يرى في ذلك البلد الصغير والجميل معا، نموذجا للديمقراطية والحرية والنضج السياسي . وانظر اذا شئت كذلك الى ما قام به زمرة من ابناء عدد من البلاد العربية من تفجيرات ارهابية، تحت دواعي واهية، وأسباب ليس لها أدنى درجات الوجاهة، بل انها مضمخة بالحمق والضلال والارتكاسة الى اوحال الافكار الظلامية، فاستحلوا بها دماء أهلهم واخوانهم، ومقدرات اوطانهم، التي كان خير اكتافهم من ثراها، وتحول الى شر مستطير، ووباء عظيم، وبعض فلولهم مازالت في اوكارها كالجرذان القذرة، ربما تتحين الفرصة للانقضاض على افعال يندي لها جبين الانسانية، فضلا عن القيم والشيم والعقيدة . هذاعلى مستوى الأمثلة والنماذج الكبيرة ، وهي كثيرة، ولا تفي بها هذه العجالة في مساحة محدودة كهذه، اما على مستوى الفرد الواحد، فانظر الى مقدار احترامي واحترامك كعربي للوقت ، وللمواعيد، والالتزام بالكلمة كعقد شرف بين الناس، فهذا يواعدك غدا، ثم يكون فص ملح ويذوب، وذاك المستأجر ينتهي الشهر فليجأ الى التلكؤ والمماطلة في دفع الايجار، ثم بعد ذلك عليك ان تصبر عليه ما شاء ان تصبر، أو ان تضرب برأسك الجدار، لأن تنظيما رسميا بين المستأجر والمؤجر، مازال في " خبر كان " حيث لم تتواصل الجهات الرسمية الى اقرار مثل هذا التنظيم، وتركت الأمور حسب التساهيل، ربما اتساقا مع كوننا من امة يعرب التي ما زال عدد من أمورها غائبا عن التنظيم المؤسساتي، فيما العالم من حولنا قد وصل القمر . [email protected]