فتح ادعاء قاض سعودي بالمدينة المنورة متهم بسرقة أكثر من 100 مليون ريال أنه ارتكب جريمته بالتعاون مع شركائه وهو تحت تأثير السحر جدلا واسعا حول مدى إمكانية قبول هذه الحجة قانونيا وشرعيا. واختلف قانونيون ومحامون سعوديون حول قبول المحاكم بدفوع المتهمين أنهم ارتكبوا جرائمهم تحت تأثير السحر، لكنهم اتفقوا على أن إثبات هذا الأمر سيكون صعبا، مما يقلل من فرص نجاة المدعين. وفي وقت اعتبر فيه محامون أن مثل هذه الادعاءات سخيفة ولا يمكن قبولها، اعتبر آخرون أنها ممكنة وجائزة شرعا، لكن تظل فرضية إثباتها بشكل لا لبس فيه صعبة وربما مستحيلة، وهو ما يقلل فرص نجاة المتهم، وهم يرون أن الأمر حتى وإن اعتبر شرعا بشهادة شهود عدول لا لبس فيهم، فسيظل غير موثوق لإمكانية دخول الكذب والتدليس في الأمر، خاصة أن المدعي قد ينجح في خداع الشهود. ويؤكد المستشار القانوني صالح الخضر أن مثل هذه الادعاءات لا تعفي المتهم من المسؤولية، ويقول ل «العربية.نت»: «قانونيا لا يعفي ادعاء التلبس بالجن من المسؤولية لأنه قد يكون مجرد ادعاء، فالإنسان مسؤول عن كل ما يقوم به، ومثل هذه الأمور ليست مبررات للتنصل من المسؤولية». ويتابع «يجب على القاضي أن يتجاهل هذا الأمر حتى لو زعم المتهم أنه مسحور ولم يكن في وعيه، وحتى ولو حضر عدد من العلماء واقعة القراءة، فهي ليست مبررا حتى ولو ثبت صحة ما يقول، لأن الإنسان متى ما كلف فهو محاسب عن كل ما يقوم به». ويشدد المحامي محمد العصيب على أن مثل هذه الدفوع غير منطقية، ولا يمكن القبول بها، بل يراها مجرد «كلام فاضي» بحسب تعبيره وحجة بليدة للهروب من العقاب، ويقول ل «العربية.نت»: «هذا الكلام غير مقبول لا شرعا ولا قانونيا ولا يؤخذ به. القانون السعودي جزء من الشرع، ومستمد منه، ومتوافق معه، ومثل هذا الأمر لا يندرج فيه». ويستغرب العصيب موافقة البعض لمثل هذه الحجج، ويؤكد على أن إثباتها غير ممكن، ويقول «إثبات مثل هذه الأمور صعب جدا، والشرع لا يأخذ إلا بالأدلة والقرائن فقط، ولا يوجد ما سيثبت هذا الادعاء من الأساس حتى لو أحضروا فتوى شرعية بذلك، لأنه كلام غير مقبول». على الطرف الآخر يرى بعض القانونيين أنه من الممكن أن تأخذ المحكمة بدفوع الوقوع تحت طائلة السحر لكون المتهم خرج عن سيطرته على نفسه، ولكنهم يعترفون بصعوبة إثبات ذلك، لأن المحكمة لا تأخذ إلا بالأدلة والبراهين وهي أمور يصعب توفيرها. وصرح المحامي د.إبراهيم البلوي بأنه «إذا ثبت أن الجاني مسكون بالجن فعلا يمكن أن يأخذ القاضي بما يقول، ولكن من الصعب إثبات ذلك حقا»، ويتابع «هناك علماء متخصصون في مثل هذا الأمر، وإن إثبات إصابة الجاني بمس من الجن، وأنه قام بما قام به تحت هذا التأثير، قد يؤخذ به كدفوع». إلا أن د.البلوي شدد على أنه يجب على القاضي أن يتأكد من هذا الأمر، ويقول «ولكنها قضية جديدة في هذا الشأن، ولا نعلم أن هناك قضية مماثلة لها حصلت من قبل».