الإسبانيون يطرحون هم أيضا نتائج أحدث دراساتهم حول الفوائد الصحية لتناول الشوكولاته الداكنة. والجديد في الأمر هو تأكيدهم أنها ربما تكون مفيدة للمرضى الذين لديهم تشمع في بنية الكبد «liver cirrhosis». وكان الباحثون الإسبان قد عرضوا نتائج دراساتهم هذه ضمن فعاليات اللقاء السنوي للرابطة الأوروبية لدراسات الكبد الذي عقد في فيينا في 15 أبريل (نيسان) الحالي. وهو ما يضاف إلى الكثير من الدراسات الطبية السابقة التي أكدت أن تناول الشوكولاته الطبيعية له فوائد صحية متعددة. ووجد الباحثون أن تناول المرضى المصابين بتشمع الكبد لكمية من الشوكولاته الداكنة في الفترة التي تلي تناول وجبة الطعام، يؤدي إلى خفض ضغط الدم في الأوعية الدموية للجهاز الهضمي. ومعلوم أن أحد المضاعفات المتقدمة لالتهابات الكبد، بفعل الفيروسات أو تناول الكحول أو غيرهما من الأسباب، هو تغير شكل هيئة البنية الطبيعية للكبد. وبدلا من التركيب الطبيعي للكبد، يتحول ذلك العضو إلى كتلة معقدة من الألياف. وهو ما يقضي على خلايا الكبد، ويقضي على راحة جريان الدم خلال أنسجة الكبد. وبالتالي ينشأ ضعف وفشل في قدرات الكبد عن أداء وظائفه الطبيعية، كما تنشأ حالة من ارتفاع الضغط داخل شبكة الأوردة المتصلة بالكبد، أو ما يعرف بشبكة الأوردة البابية. ونتيجة لارتفاع الضغط الدموي للأوردة البابية «portal hypertension»، تتكون الدوالي في المعدة والمريء، مما يؤدي إلى ارتفاع احتمالات حصول انفجار هذه الأوردة، وحصول النزيف الدموي منها، وهو ما يعني تلقائيا ارتفاع احتمالات تهديدها لسلامة الحياة. ولذا تعمل المعالجات الطبية، الدوائية والجراحية التي تجرى عبر المناظير، على خفض الضغط الدموي في الأوردة البابية وتقليص وجود هذه الدوالي الخطرة. وما بعد تناول الوجبات الغذائية هو من الأوقات التي ترتفع فيها احتمالات ارتفاع ضغط الدم في الأوردة البابية، وبالتالي ارتفاع احتمالات انفجارها ونزيفها. ولاحظ الباحثون الإسبان أن تناول الشوكولاته خلال تلك الفترة الحرجة، يؤدي إلى خفض ضغط الدم في تلك الأوردة. وذلك من خلال توافر المواد المضادة للأكسدة في الشوكولاته الطبيعية، والتي تعمل على ارتخاء جدران الأوعية الدموية، وبالتالي توسيعها وتقليل الضغط في داخل مجاريها. وعلق البروفسور مارك ثيرسز، المتخصص في الكبد بجامعة إمبريال كوليدج في لندن، بالقول «هذه الدراسة تظهر لنا العلاقة الواضحة بين تناول الشوكولاته الداكنة وخفض ضغط الدم في الأوردة البابية، وتوضح لنا مدى فائدتها للمرضى الذين يعانون من تشمع الكبد». والواقع أن الدراسات الطبية خلال السنوات العشر الماضية تلحظ علاقة قوية بين تناول الشوكولاته وتأثيرات ذلك على صحة شرايين القلب وشرايين الدماغ وتقليل الإصابات بمرض السكري وتحسين مستوى عمل الدماغ والحالة النفسية الإيجابية وغيرها. وفي الوقت نفسه، لاحظت تلك الدراسات أن هذه التأثيرات الإيجابية تتحقق بالفعل عند تناول أنواع الشوكولاته الداكنة. وتذكر المصادر التاريخية أن سكان أميركا الوسطى عرفوا الشوكولاته منذ آلاف السنين. وكانت لديهم تعتبر أحد المنتجات الغذائية الصحية. ولكنهم كانوا يحسنون التعامل معها والاستفادة منها، بخلاف الطريقة الضارة صحيا التي تعامل بها البشر في العالم القديم مع الشوكولاته عندما حاولوا الاستفادة منها. وللتوضيح، فقد كان سكان أميركا الوسطى يحمصون حبوب الشوكولاته الطبيعية، ثم يطحنونها، ويصنعون منها مشروبا يتناولونه باردا. والإشكالية كانت في الطعم المر لها. وعندما جلب الأوروبيون الشوكولاته إلى أوروبا، قاموا بخلطها مع الزبدة والحليب، وبكميات كبيرة، كي يمكن تناولها دون الشعور بطعم المرارة. وبالنتيجة، حولوا الشوكولاته الطبيعية المفيدة صحيا، إلى شوكولاته غنية جدا بالدسم. وهو ما جعلها قليلة الفائدة وكثيرة الضرر.