- مشاعل علي - وزير العمل المهندس عادل بن محمد فقيه، إن القرارات التي اتُّخذت مؤخراً هي لمصلحة الوطن وحق مكتسب لأبنائه، حيث ينتظر مليونا عاطل عن العمل وظائف، 85 % منهم من النساء، إضافة إلى أن مدارس التعليم العام تخرج سنوياً 330 ألف خريج من الثانوية العامة ينتظرون أيضاً توظيفهم. وأضاف في حوار خاص مع «الشرق» أن القرارات سيكون لها دور في التضييق على المتسترين الذين يشكلون ما نسبته 42 % من المنشآت الصغيرة، مشيراً إلى أن هناك ثمانية ملايين عامل وافد 86 % منهم في وظائف متدنية لا تصلح للسعوديين، متوقعاً أن ترتفع تحويلاتهم المالية إلى بلدانهم من 104 مليارات ريال في عام 2011 إلى 130 مليار ريال بنهاية العام الحالي 2012م. وقلل فقيه من احتمالية أن يرفع القرار أسعار السلع والخدمات إلى الضعف، وراهن على العرض والطلب في الحفاظ على توازن السوق، مؤكداً أن التكلفة اليومية للعامل لا تتجاوز 6.60 ريال، وتطرق إلى عديد من موضوعات الساحة في ثنايا هذا الحوار.. فإلى نصه (الشرق ).. ألا ترون أن هناك تناقضاً بين قرار رفع الرسوم وبين برنامج نطاقات اللذين وضعتهما وزارة العمل؟ هناك لبس بين هدف قرار المائتي ريال الذي يهدف إلى إعادة هيكلة الوظائف المنخفضة الأجور وتحويلها إلى وظائف يقبل بها السعودي، وبين أهداف برامج التوطين مثل نطاقات، أن قرار رفع تكلفة العمالة الوافدة لا يهدف مباشرة إلى التوطين، وإنما يعدّ بوابة لابد من المرور بها إذا أردنا التوطين، لنرجع أولاً إلى بعض الحقائق، لدينا في السعودية حوالي ثمانية ملايين عامل وافد، 68 % منهم راتبهم أقل من ألف ريال و18% أقل من ألفين، أي أن 86 % من العمالة الوافدة التي لدينا من العمالة المنخفضة الأجور، وهؤلاء يشغلون اليوم حوالي ستة ملايين وظيفة في القطاع الخاص، جميعها وظائف منخفضة لا تصلح لتوظيف السعوديين، وفي المقابل لدينا حوالي مليونا باحث عمل 85 % منهم نساء.. وكل سنة يتخرج حوالي 330 ألف طالب وطالبة من الثانوية يبحثون عن وظائف، السؤال: كيف سنوظف هذا العدد إذا كانت غالبية وظائف القطاع الخاص منخفضة الأجور! أي صاحب عمل اليوم تطلب منه توظيف سعوديين يتحجج بأن الوظائف المتوفرة لا يقبل بها سعوديون لأنها منخفضة، والوظائف الجيدة القليلة التي لديه لا يستطيع فيها توظيف سعوديين بدون خبرة مكان الوافدين الذين قضوا معه سنوات. لعلنا نسأل، لماذا غالبية الوظائف في القطاع الخاص منخفضة؟ وكيف نستطيع تحويلها إلى وظائف جيدة يقبل بها السعودي؟ أولاً، هل هذا هو الحال نفسه في الدول الأخرى؟ دعنا نأخذ مثالاً، المصانع في دول أخرى.. لديهم خطوط إنتاج أوتوماتيكية يوظفون عليها واحداً أو اثنين مشرفين يكون مستواهما جيداً وراتباهما مقبولين. أما نحن وبسبب رخص العمالة، يفضل صاحب المصنع أن يركب خطاً عادياً ويوظف عليه 15 عاملاً بدل أن يستثمر في خط أوتوماتيك، هؤلاء العمال يقومون بنفس دور الماكينة الأوتوماتيك، يعني مثلاً عامل يفك الكرتون وعامل بعده يضع المنتج في الكرتون وعامل بعده يقفل الكرتون وعامل يلصق استكر على الكرتون وعامل يصف الكرتون، وهكذا... يعني بدل أن يستثمر في خط أوتوماتيك ويوظف وظيفة أو اثنين جيدة لفنيين، يوفر خطاً عادياً ويوظف عليه 15 بوظائف منخفضة ويعطي كل واحد منهم 700 ريال. مثال آخر، وزارة العمل تصدر مليون تأشيرة في السنة، نصفها تصرف للمقاولات! لماذا نحن من بين العالم المتحضر مازلنا نبني بيوتنا طوبة طوبة؟ في الخارج، يعتمد المقاولون على الألواح المصبوبة الجاهزة التي تُصنع في المصانع بوظائف تقنية جيدة ممكن نوظف فيها سعوديين، ثم يركب المقاول هذه الألواح الجاهزة في الموقع، كذلك تحت إشراف مهندسين أو تقنيين وظائفهم أفضل من العمالة الرخيصة «اللي يبني طوبة طوبة». مثال آخر بعيد عن الخطوط الأوتوماتيكية، إذا مررت بكورنيش جدة الجمعة الساعة الرابعة فجراً ستجد الكورنيش كله مفروشاً قمامة، ولأن عامل النظافة ب500 ريال في الشهر، الأمانة تأتي بآلاف العمال للتنظيف، وأصبح عمال النظافة اليوم شحّاذين، نحن لا نريد من السعودي أن يعمل مهندس نظافة كما في اليابان، ولكن لماذا لا نقوم بفرض غرامات على أي أحد يرمي مخلفات في الكورنيش ونوظف سعوديين مراقبين يحررون مخالفات، وبدخل المخالفات ممكن ندفع أضعاف رواتب السعوديين ونقلل عدد عمال النظافة للربع! ونساعد على استئصال المشكلة من أساسها، وهذا النظام مطبق في دول كثيرة خارج المملكة يعني ممكن تطبيقه لدينا. كل هذه الأمثلة تأخذ وقتاً لتطبيقها، ولكني أحببت أن أذكرها لأوضح الفكرة، وهي أن القرار سيدخل متغيرات في السوق لإحداث ترشيد في الاستقدام والارتقاء بالوظائف. اليوم سواء مصانع أو مقاولات أو نظافة أو محطة بنزين أو أي نشاط آخر نجد أن تركيبة العمل لدينا تعتمد على الوظائف المنخفضة التي لا نقبل أن نوظف فيها أبناءنا أو بناتنا السعوديين، والسبب الأساس في تركيبة سوق العمل المنخفضة أن العمالة الوافدة لدينا يستطيع صاحب العمل في السعودية إحضارها رخيصة مقارنة بباقي دول العالم فيستسهل صاحب العمل أن يُحضر آلاف العمال الوافدة المنخفضة، وتستسهل البلدية والمقاولون إحضار ملايين العمال، وهكذا. كل ذلك يشكل أيضاً عبئاً اقتصادياً على الدولة، مثل استهلاك البنية التحتية وتكلفة السلع المدعومة والوقود والخدمات والمياه والكهرباء وحوالات سنوية بأكثر من مائة مليار ريال. هل ستتأثر أسعار الخدمات والسلع التي تقدمها القطاعات المتضررة؟ الجواب هنا يتمحور في شقين، أولاً لقد قمنا بعمل دراسات متعددة مع جهات مختلفة لقياس مدى تأثير القرار في التكلفة والسعر، وباختصار إن أثر قرار رفع تكلفة العمالة الوافدة بواقع 2,400 ريال سنوياً يختلف من نشاط لآخر ولكنه بسيط بصفة عامة، فمثلاً تأثيره في التجزئة يتراوح بين واحد إلى ثلاثة في الألف، وذلك لأن تكلفة العمالة في الأساس لا تشكل نسبة كبيرة من المنتج، في الحققيقة إذا أردنا الحديث عن الأسعار والتضخم، غالباً ما يكون هناك نوع آخر من العوامل ليست لها علاقة بتكلفة العمالة مثل ارتفاع أسعار المواد الخام والبترولية خاصة، وهذه عادة ما تلعب دوراً في التكلفة والأسعار. كما أننا سمعنا كثيراً أن قطاعي المقاولات والتشغيل والصيانة من أكثر الأنشطة والقطاعات تأثراً، وحقيقة أننا قمنا بعمل تحاليل لدراسة أثر قرار رفع تكلفة العمالة الوافدة على هذين القطاعين، واعتمدنا في الدراسة على تحليل أسعار عقود حالية مع شركات مقاولات وصيانة مختلقة، وغطت الدراسة ثلاث فئات من عقود المقاولات لتشمل المباني والطرق والبنى التحتية، كما قمنا كذلك بعمل دراسة تحليلية لخمس فئات من عقود الصيانة شملت صيانة المباني والطرق والتشجير والري والمرافق العامة والنظافة، وتشير الدراسات إلى أن الزيادة في عقود نشاطي المقاولات والصيانة تعد من الأعلى تأثراً في سوق العمل حوالي 1,6% في نشاط المقاولات و2,8% في نشاط التشغيل والصيانة. الشق الثاني يتركز في تخوف الناس من أن يستغل التجار الموقف ويرفعون أسعارهم ثم يتحججون بالقرار، والحقيقة أن أي تاجر في السوق يعرف أن هذا الكلام صعب على التاجر! التجار يواجهون منافسة ويخشون من ضياع حصتهم السوقية لمنافسيهم، وهناك حرب أسعار، فإذا قرر التاجر رفع سعر منتجه أكثر من منافسه فسيخسر التاجر الزبون إلى المنافس، السوق يحكمه العرض والطلب وليست الشائعات والأقاويل. كما أنني أهيب بالإخوة المواطنين أن لا ينساقوا وراء الشائعات أو المستغلين ممن يرددون أن هذا سيرفع أضعافاً يومية أجرة النقل على المواطن أو يومية العامل العادي أو غيره، لأنه فيما لو حدث أن حولت التكلفة في بعض الأنشطة على المستهلك، وهذا في رأيي ورأي الدراسات التي أجريت لن يحدث، فإن تكلفة اليومية لا تتجاوز 6.60 ريال طوال يومية العامل سواء كان سائقاً أو غيره، ومن العقل أن لا نقبل ما يروّج له بعضهم، لأن ذلك ليس صحيحاً وفق قوانين السوق والاقتصاد، ولا حتى وفق مقدار المقابل نفسه الذي ذكرنا أنه لا يتجاوز 6.60، في مقابل دعم من الصندوق يصل إلي عشرين ضعفاً. كيف ستتدارك وزارة التجارة إمكانية رفع الأسعار في كل تلك الخدمات والسلع في القطاعات المتضررة وغالبيتها نسبة السعوديين فيها أقل من الأجانب؟ من وجهة نظري الشخصية، لن تحتاج وزارة التجارة التدخل في كل شيء، لأني كما أوضحت أن ما يحكم الأسعار هو العرض والطلب وليست تدخلات وزارة التجارة، فهل تتدخل وزارة التجارة اليوم بفرض سعر الشنط أو الملابس أو الأجهزة الكهربائية مثلاً! ما يحكم السعر هو السوق، عادة ما يقارن المستهلك جودة المنتج وسعره بمنتج آخر منافس ويقوم المستهلك بشراء الأفضل من ناحية السعر والجودة، صحيح أننا نسمع أحياناً تدخلات جهات حكومية مثل وزارة التجارة في أسعار بعض المنتجات، ولكني أحب أن أوضح أن تلك التدخلات تكون لحالات خاصة، فمثلاً تتدخل الدولة في سعر السلع المدعومة أو التي فيها احتكار، وهذه تمثل حالات خاصة، وأتوقع من وزارة التجارة متابعة تلك الأسعار بصفة دائمة وليس فقط في هذه المرحلة. ما الآليات المثلى لتحقيق الأهداف المنشودة من القرار؟ نحن نقول إن للقرار هدفاً مباشراً يتمثل كما شرحت في تحويل الوظائف المنخفضة الأجور إلى وظائف ذات أجور مناسبة تنجح في جذب العمالة الوطنية، وله أهداف أخرى غير مباشرة تتلخص في أربع نقاط هي: توجيه عائدات القرار كاملة لدعم برامج التدريب والتوظيف ودعم مرتبات العمالة الوطنية في القطاع الخاص، وزيادة الميزة التنافسية للعمالة الوطنية مقابل الوافدة وتقليص فجوة التكلفة بينهما، حيث إن معدل رواتب السعوديين تقدر بحوالي 4,690 ريالاً مقابل 1,790 ريالاً للعامل الوافد، كل ذلك يجعل العمالة الوافدة أكثر جاذبية من العمالة الوطنية، كما سيلعب القرار دوراً في التضييق علىى المتسترين الذين يشكلون حوالي 42 % من المنشآت الصغيرة، وسيؤدي القرار مع دعم الصندوق الذي يصل إلى 4000 ريال شهرياً إلى زيادة وتحفيز التوطين، وقد لاحظنا أن بعض المنشآت وخاصة التي حققت نسباً تصل 35% -40% بدأت في رفع نسب التوطين إلى 50% للوصول إلى حد الإعفاء من القرار، ولتحظى أيضاً بالدعم من صندوق الموارد، ونحن سعداء بذلك، كما أن القرار سيُسهم في ارتفاع معدل الإنفاق للفرد السعودي داخل السوق، ما يؤدي إلى انتعاش السوق. كيف ستتم الاستفادة من الإيرادات المتوقعة نتيجة تطبيق القرار، المقدرة بنحو 12 مليار ريال؟ تمت مؤخراً مضاعفة سقف دعم رواتب السعوديين من ألفين إلى أربعة آلاف، ومدة الدعم من سنتين إلى أربع سنوات. هل هذا هو التوقيت المناسب لفرض مثل هذه الرسوم؟ وماذا ننتظر ونحن لدينا مليونا باحث وباحثة عن عمل! وسيزيد هذا العدد سنوياً بمقدار 330 ألف متخرج ومتخرجة. هل يجب أن تفرض الرسوم بالقيمة نفسها على القطاعات وجميع المهن؟ أولاً، لا يمكن حالياً فرض الرسوم على بعض المهن نظراً لأن المهن المسجلة لدينا لا تعكس بالضرورة المهن على أرض الواقع، فهناك عديد من مديري الشركات الأجانب يتم تسجيلهم كعمال، ولكن حتى وإن استطعنا تحديد المهن، يظن بعضهم أن علينا فرض رسوم على العمالة الوافدة المرتفعة وإعفاء العمالة المنخفضة الأجر، ولكن أعيد وأكرر أن الهدف الرئيس هو فرض الرسوم على العمالة المنخفضة بهدف تغيير تركيبة سوق العمل من أعمال ذات كثافة عمالية عالية ومنخفضة إلى أعمال بوظائف أقل ومحتوى أعلى تكون جاذبة للسعوديين بدلاً من أن تكون مرتعاً للعمالة الوافدة المنخفضة. هل ما تم فرضه من رسوم كافٍ؟ هذا ما تم فرضه في المرحلة الحالية بقرار من مجلس الوزراء ودراسة من المجلس الاقتصادي الأعلى. وليست هناك أي مبادرة مقدمة حالياً لتغييرها أو لفرض رسوم أخرى. هل سيؤدي القرار إلى القضاء على ظاهرة التجارة في إقامات العمالة الوافدة التي تؤدي إلى انتشار العمالة السائبة؟ القرار ليست له علاقة مباشرة بالقضاء على العمالة السائبة، ولكننا نعمل مع وزارة الداخلية لإطلاق برامج تفتيش مشتركة سيكون لها أثر كبير بإذن الله للقضاء على العمالة السائبة وأي عمالة مخالفة لأنظمة البلد، وستسمعون عنها قريباً. كم عدد العمالة الوافدة في المملكة؟ وكم عدد تحويلاتهم المالية للعام الحالي 2012؟ عدد العمالة الوافدة في المملكة يبلغ ثمانية ملايين عامل وافد 86 % منهم بوظائف متدنية لا تصلح للسعوديين، أما التحويلات فقد وصلت تحويلات العمالة الوافدة إلى 104 مليارات في 2011، وتوقعات بأن تصل إلى 130 ملياراً في 2012.