أزد - فارس ناصر - حذر خبراء يمنيون في مجال الصحة العامة من كارثة صحية تهدد اليمنيين جراء تزايد ظاهرة الأدوية المهربة والفاسدة والتي اجتاحت الأسواق اليمنية خلال الآونة الأخيرة بشكل غير مسبوق. وتأتي هذه التحذيرات في وقت كشف تقرير حكومي رسمي عن أن حجم الأدوية المهربة إلى اليمن بلغت نسبة 60% من حجم الأدوية المعروضة في السوق المحلية. وأشار تقرير الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية إلى أن ما ينفقه اليمنيون على الأدوية المصنعة محلياً والمستوردة من خمسين بلداً عربياً وأجنبياً يبلغ ما مقداره 117 مليون دولار سنوياً. وفيما لا توجد إحصائية دقيقة بشأن حجم تجارة الأدوية المهربة، أشار تقرير الهيئة العليا للأدوية إلى أن 45 نوعاً مزوراً ومقلداً من الأدوية تدخل اليمن بطرق غير مشروعة سنوياً ويتم التعميم بأصنافها وأسمائها من قبل الهيئة على مكاتب الصحة وفروع الهيئة في المحافظات لمصادرتها. ولفت التقرير إلى أن أصناف الأدوية المزورة مجهولة المصدر بلغت 26 صنفاً، فيما بلغت الأصناف المهربة محددة المصدر 175 صنفاً، مشيراً إلى أن تهريبها إلى السوق المحلية جاء بسبب ارتفاع أسعارها لدى الوكيل الأصلي وانعدام كثير من هذه الأصناف نهائياً وعدم توافر البدائل. وعلى مدى السنوات العشر الأخيرة ضبطت الرقابة الدوائية بوزارة الصحة اليمنية أكثر من 1175 منشأة صيدلانية في العاصمة صنعاء، ومختلف المحافظات، بسبب احتوائها أدوية مزورة. وفي أخطر تصريح تجاه الظاهرة قال نقيب الأطباء والصيادلة الدكتور عبدالقوي الشميري، إن الجهات المعنية خلال فترة حكم النظام السابق لم تكن جادة في محاربة تهريب الأدوية لأن "المهربين"، على حد قوله، هم جزء من السلطة. وأشار إلى أن التهريب ظل يتم من منافذ رئيسية في البلاد كون متنفذين في السلطة هم من يسهلون وصول المواد والعقاقير الطبية المهربة على حد قوله. وقال الخبير في الشؤون الطبية الدكتور محمد الحاج، والذي يدير مركزاً طبياً خاصاً، ل"العربية.نت" إن الأدوية المزورة والمقلدة تشكل تهديداً حقيقياً لصحة المرضى وتنذر بكارثة صحية كون هناك أمراض تحتاج إلى عناية خاصة مثل الذبحة القلبية والسرطان والكبد والفشل الكلوي والتداوي بأدوية لا تحتوي على كميات صحيحة من المواد الطبية الفعالة ما يؤدي إلى فشل المعالجة وتفاقم الحالة لدى المرضى وقد يؤدي إلى الوفاة. ونوه بأن استخدام المضادات الحيوية المزورة التي تحتوي على تراكيز أقل من التراكيز العلاجية المفروضة، وأيضاً تلك التي تحتوي على سمّية أو شوائب تؤدي غالباً إلى الفشل الكلوي وأمراض الجهاز المناعي والجهاز الهضمي والسرطان وقد تؤدي إلى الوفاة. ومن جانبه، يؤكد الدكتور ناجي مسعد وهو صيدلاني، أن معظم الأدوية المهربة تصل إلى اليمن فاسدة وهي إما أن تكون منتهية الصلاحية أصلاً من البلد الذي تمت منه عملية التهريب أو تصبح فاسدة بسبب عمليات الشحن والتخزين خلال إجراءات التهريب التي تتم في ظروف غير سليمة وبأدوات حرارية غير مطابقة للشروط المطلوبة. ورغم أن الجهات المعنية في الدولة تقوم باستمرار بعمليات ضبط وإتلاف الأدوية المهربة والفاسدة إلا أن الباحث محمود قحطان يرى أن الكميات التي يجري مصادرتها وإتلافها لا تمثل سوى نسبة بسيطة جداً من كميات الأدوية المهربة والمزورة التي تدخل السوق اليمنية يومياً. وشدد قحطان على أن الأخطر من ذلك والمصيبة الأعظم هو أن الكارثة لا تتوقف عند الأدوية المهربة والمزورة فحسب، وإنما تجري عمليات غش تجاري من قبل مالكي شركات أدوية ومستوردين يمارسون ظاهرياً نشاطهم في تجارة الأدوية وفق اللوائح والأنظمة بالنسبة للإنتاج والاستيراد، وهم لا يندرجون ضمن قائمة المهربين وإنما يقدمون مواد وعقاقير طبية بمواصفات جودة أقل بحثاً عن الربح الأوفر، ودونما مراعاة أي اعتبار لحياة الناس وأرواح البشر. وبموازاة ذلك ينظر مدير عام الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية، الدكتور عبد المنعم الحكمي إلى أن تعدد الجهات المسؤولة عن الرقابة على الأدوية مشكلة، وأن القضاء على ظاهرة تهريب الأدوية يتطلب تشديد الرقابة وإنزال العقوبات على المنفذ النهائي لبيعها (الصيدليات)، وأنه من دون وجود جزاء رادع على المهرب لا يمكن القضاء على الظاهرة، وهو ما يتطلب سرعة إصدار قانون الصيدلة والدواء كونه تضمن ذلك.